"أنت لا تحمل الناس ببساطة في شاحنات وتذهب بهم بعيداً ... أنا أفضّل اتباع سياسة ايجابية بخلق ظروف بفعلها تُقنع الناس بالمغادرة"1– أريئيل شارون، رئيس وزراء إسرائيل
ورقة حقائق
"الترحيل" - وهو تعبير مخفّف للابعاد المنظّم للسكان العرب الفلسطينيين في فلسطين إلى دول مجاورة أو بعيدة أو إلى مناطق ضيقة صغيرة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة – متأصّل في الفكر الصهيوني والممارسات الصهيونية. بعيداً عن كونه ببساطة شعار يميني متطرّف أو ممارسة مستحدثة، تم تنفيذ سياسات الترحيل منذ إقامة دولة إسرائيل وتستمر إلى يومنا الحالي بحجّة "الأمن". الخطوة الأخيرة التي اتخذتها إسرائيل في مواصلتها لسياسة الترحيل هي ما يُسمّى بالجدار "الأمني" – وهو عمل يُبرز هدف إسرائيل طويل المدى لمصادرة أكبر مساحة من الأرض الفلسطينية وطرد أكبر عدد من الفلسطينيين منها.
فيما يلي السياسات الرئيسية التي استخدمتها إسرائيل لتنفيذ هذا الهدف:
السياسة الأولى: طرد الفلسطينيين بالقوة
1948 وآثارها: طردت القوات الاسرائيلية أو تسبّبت برحيل حوالي 750.000 فلسطيني يُشكّلون حوالي 75% من السكّان الفلسطينيين. لم تسمح لهم إسرائيل بالعودة أبداً2.
أيار إلى حزيران 1949: إسرائيل تطرد أكثر من 5000 فلسطيني إلى الضفة الغربية3.
حزيران 1950: إسرائيل تُرحّل بالقوة 2700 فلسطيني يعيشون في المجدل (اسمها الآن عسقلان) إلى قطاع غزة4.
1951: إسرائيل تطرد سكّان 13 قرية فلسطينية إلى الضفة الغربية5.
1949 إلى 1953: إسرائيل تطرد حوالي 17.000 من البدو الفلسطينيين من النقب إلى سيناء6.
تشرين الأول 1956: إسرائيل تطرد 2000-5000 فلسطيني من قُرى قراد الغنمة وقراد البقرة إلى سوريا7.
حزيران 1967: إسرائيل تحتل الضفة الغربية وقطاع غزة. أكثر من 300.000 فلسطيني رحلوا أو طُردوا ولم يُسمح لهم بالعودة.
1967-2002: تُبعد إسرائيل أكثر من 1500 فلسطيني عن الأراضي الفلسطينية المحتلة8.
السياسة الثانية: تدمير المدن والمنازل ومشاريع العمل الفلسطينية
1948 وآثارها: بعد طرد 75% من السكّان الفلسطينيين، تُكثّف إسرائيل جهودها لإزالة الوجود الفلسطيني كله بتدمير أكثر من 418 قرية فلسطينية. وشمل تدمير هذه القرى هدم المنازل، والجوامع، والكنائس، والمدارس، ومشاريع العمل وفي بعض الأحيان المقابر9.
1967: على إثر احتلال اسرائيل للضفة الغربية في حزيران 1967:
هدمت إسرائيل 135 منزلآ في حي المغاربة في القدس الشرقية (3200 دونم10) وأعطت السكّان البالغ عددهم الألف بضع دقائق فقط قبل أن تُسوّي المكان بالأرض11.
هدمت إسرائيل قُرى بيت نوبا، عمواس ويالو في وادي اللطرون بالقرب من الخط الأخضر متسبّبة بتشريد عشرة آلاف فلسطيني12.
سوّت إسرائيل بالأرض مدن بيت مرسم، وبيت عوّا، والحبلة والجفتلك13.
1967 – 2000: هدمت إسرائيل حوالي 8000 منزل فلسطيني، بما في ذلك أكثر من 900 منزل هُدمت بعد التوقيع على اتفاقيات أوسلو14.
2000 – 2003: هدمت إسرائيل أكثر من 1.200 منزل متسبّبة بتشريد آلاف الفلسطينيين15.
الجدار – 2003: من أجل التحضير لبناء الجدار، هدمت إسرائيل 63 مشروع عمل في نزلة عيسى لوحدها، و100 دفيئة زراعية في محافظة قلقيلية16.
أعلنت إسرائيل أنها ستوجد "منطقة عازلة" بين الجدار والمدن الفلسطينية. ومن المتوقّع أن تبعد هذه المنطقة 50 إلى 180 متر عن الجدار. ومن أجل إيجاد "المنطقة العازلة"، من المؤكد أن تقوم إسرائيل بهدم منازل حيث أنها هدمت رياض أطفال، ودفيئات زراعية، واقتلعت الأشجار والمحاصيل. في محافظة قلقيلية تلقّى حتى الآن أصحاب ثمانية منازل أوامراً بهدم منازلهم بسبب قربها من "المنطقة العازلة".
السياسة الثالثة: مصادرة الأراضي الفلسطينية، وبناء المستعمرات الجديدة، وتوسيع المقام منها
1948 وآثارها: قبل حرب عام 1948، كان الفلسطينيون يملكون نحو 87.5% من مجموع مساحة فلسطين (الآن إسرائيل)، بينما امتلك اليهود 6.6% فقط من المساحة الكاملة للأرض. بعد قيام دولة إسرائيل، أصدرت إسرائيل قانوناً بمصادرة أراضي المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل. نتج عن ذلك ما يلي:
مصادرة إسرائيل لحوالي أربعة ملايين دونم من الأرض التي تعود ملكيتها لمواطنين فلسطينيين في إسرائيل. يُشكّل هذا الرقم حوالي نصف مساحة الأراضي التي يملكها هؤلاء المواطنون17.
تخفيض معدّل مساحة كل قرية فلسطينية باقية داخل إسرائيل من 9,100 دونم في عام 1948 إلى 2000 دونم في عام 197418.
تخفيض مساحة الأرض الممنوحة للفرد من المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل من 16.5 دونم في عام 1948 إلى 0.5 دونم في عام 199719.
75% من مالكي الأرض من المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل تمّت مصادرة أراضيهم20.
مع أن المواطنين الفلسطينيين يُشكّلون 20% من السكّان، إلاّ أنهم يملكون فقط 3% من الأرض في إسرائيل.
1967 – إلى الوقت الحالي: صادرت إسرائيل حوالي 41.9% من الضفة الغربية المحتلة (بما في ذلك القدس الشرقية) وقطاع غزة. هناك الآن أكثر من 400.000 مستوطن يعيشون في أكثر من 205 مستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة21.
منذ عام 1993، وبعد التوقيع على إتفاقيات أوسلو، تضاعفت أعداد المستوطنين من حوالي 200.000 مستوطن إلى 400.000 مستوطن22.
زادت أعداد الوحدات السكنية في الضفة الغربية المحتلة (باستثناء القدس الشرقية) بنسبة 52% خلال ذات الفترة23.
منذ عام 2001، ومع تركيز العالم اهتمامه على "العنف"، أقامت حكومة شارون 66 مستوطنة جديدة24.
الجدار – 2003: سينتج عن بناء الجدار الذي يبلغ ارتفاعه ثمانية أمتار ضم فعلي لـ 10% من أراضي الضفة الغربية المحتلة لأن الجدار لن يُبنى على الخط الأخضر ولكن داخل الأراضي الفلسطينية. سيتم ضم أراض فلسطينية زراعية من الدرجة الأولى إلى إسرائيل. لن تُفكّك أية مستوطنات إسرائيلية، بل تنوي إسرائيل توسيع المستوطنات الموجودة وبناء مستعمرات جديدة.
السياسة الرابعة: تشجيع هجرة الفلسطينيين من خلال إفقارهم
الاستيلاء على الأراضي الزراعية وموارد المياه
1967 وآثارها: على إثر الاحتلال العسكري الاسرائيلي للضفة الغربية في عام 1967:
حظرت إسرائيل على الفلسطينيين حفر أية آبار في الأراضي الفلسطينية المحتلة25.
صادرت إسرائيل كافة موارد المياه معلنة عنها ممتلكات دولة26.
1982: مصادرة المياه متواصلة:
تُسيطر سلطة المياه الاسرائيلية على توزيع المياه في الضفة الغربية المحتلة. وقد تم تدمير الآبار الفلسطينية، وجفّت المصادر بسبب الحفر والضخ من آبار أعمق للاستخدام الاسرائيلي27.
ونتيجة لذلك سيطرت إسرائيل على 90% من ينابيع الضفة الغربية المحتلة. يستهلك الفلسطينيون الآن 70 لترا فقط من المياه للفرد في اليوم، وهذا أقل من الحد الأدنى الذي حدّدته منظمة الصحة العالمية وهو 100 لتر للفرد في اليوم. وهو أيضاً أقل بأربع مرّات من استهلاك المستوطنين الاسرائيليين البالغ 300 لتر للفرد في اليوم28.
الجدار - 2003 ستستمر المرحلة الأولى من بناء الجدار في حرمان الفلسطينيين من مواردهم الطبيعية:
هناك حوالي 95.000 فلسطيني يعيشون في 11 مدينة سيكونون إلى الغرب من الجدار (بين الجدار والخط الأخضر)، بينما تقع أرضهم (2.758 دونم) إلى الشرق من الجدار29.
حوالي 20.000 فلسطيني يعيشون في 29 مدينة سيكونون إلى الشرق من الجدار، بينما تقع أرضهم (تبلغ ممساحتها حوالي 90.000 دونم) إلى الغرب من الجدار وستكون مضمومة واقعياً من قبل إسرائيل30.
سيفصل الجدار 34 بئر مياه جوفية عن مالكيها وعن آلاف الناس الذين يعتمدون عليها للشرب والزراعة31.
أكثر من 35.000 متر من شبكة الري وخطوط أنابيب المياه تم تدميرها32؛
أكثر من 83.000 شجرة زيتون تم اجتثاثها ممّا تسبّب بضرر كبير لأكثر من 10.000 دونم من الأراضي33.
فرض حظر التجوال العسكري
1948 إلى 1966: تعرّض المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل إلى فرض حظر التجوال العسكري عليهم حيث أجبروا على إلتزام منازلهم وفُرض عليهم الحصول على تصريح للانتقال من مدينة إلى أخرى34.
1991: فرضت إسرائيل حظر التجوال على الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين واضعة الفلسطينيين قيد الاعتقال في منازلهم35.
2002: تُعيد إسرائيل فرض حظر التجوال على 1.7 مليون فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية المحتلة. نتج عن ذلك إرتفاع نسبة البطالة إلى 63.3% ونسبة الفقر وصلت إلى 70%36.
الجدار – 2003: سيتم الاعلان عن المدن الفلسطينية الواقعة بين الخط الأخضر والجدار "مناطق عسكرية مغلقة"، وهذا يعني عدم استطاعة المواطنين مغادرة منازلهم للذهاب إلى العمل. سينتج عن ذلك هجرة تدريجية باتجاه الشرق لكي يُحاول الفلسطينيون الذين تم فصلهم عن أراضيهم وأعمالهم كسب قوتهم.
ويبقى العالم صامتاً ...
رغم أن إسرائيل تنتهك معاهدة جنيف الرابعة، والقانون الدولي لحقوق الانسان، و85 قراراً من قرارات مجلس الأمن، لم يحرك المجتمع الدولي ساكناً لوقف سياسة "الترحيل". بل واصل تمويل أعمال إسرائيل التوسعية حيث حصلت إسرائيل على 85 بليون دولار أمريكي من الولايات المتحدة لوحدها منذ عام 1948، وهذا المبلغ يفوق ما حصلت عليه دول أفريقيا السوداء وأمريكا اللاتينية ودول الكاريبي مجتمعة.
2. قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 (3) لعام 1948 يُطالب بأن يحصل اللاجئون الفلسطينيون على حق العودة إلى منازلهم. تُعيد الأمم المتحدة التأكيد على هذا القرار في كل سنة منذ عام 1948. كان الشرط لقبول إسرائيل في عضوية الأمم المتحدة هو تنفيذها لهذا القرار، ومع ذلك لم تلتزم إسرائيل به خلال الأربع وخمسين سنة الماضية. حتّى هذا اليوم، لم تسمح إسرائيل للاجئ واحد بالعودة إلى منزله.
7. أصدر مجلس الأمن قراراً يدعو إسرائيل للسماح لهؤلاء الفلسطينيين بالعودة إلى منازلهم (قرار مجلس الأمن رقم 93 (1951)). لم تسمح إسرائيل للفلسطينيين بالعودة أبداً.
34. الأوامر صدرت كالتالي: "سوف لن يُسمح لأي ساكن بمغادرة منزله خلال حظر التجوال. أي شخص يُغادر منزله ستطلق عليه النار ولن نقوم باعتقال أحد". تم الاستشهاد بهذا الكلام في كتاب مصالحة، حاشية رقم 3 في صفحة 23. أنظمة الدفاع (الطوارئ) 110 (1945).
35. باسيا، مئة عام من التاريخ الفلسطيني 240 (2001).
36. UNSCO، أثر الاغلاق والقيود الأخرى على الحركة على النشاطات الانتاجية الفلسطينية، حزيران 2002.