"الترحيل" هو التعبير الملطّف لإبعاد الفلسطينيين عن وطن الآباء والأجداد إلى دول مجاورة أو بعيدة، أو إلى مناطق مُطوّقة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. قامت إسرائيل بأعمال الترحيل منذ قيامها وتواصل عمل ذلك إلى اليوم. حيث تدل السياسات الإسرائيلية داخل وحول بلعين أن إسرائيل تُحاول مرة أخرى الاستيلاء على أكبر مساحة من الأراضي التي تحتوي على أقل عدد ممكن من السكان الفلسطينيين.
تضييق الخناق على بلعين
بلعين هي قرية فلسطينية يبلغ عدد سكانها 1796 نسمة. يُحيط بالقرية حوالي 50.000 مستوطن يعيشون في 14 مستوطنة من أكثر المستوطنات سرعة في النمو في الضفة الغربية. يتّخذ الجدار الذي تُشيده إسرائيل مساره بجوار القرية ويفصل سكان القرية عن نصف مساحة أرضهم تقريباً1.
إن البناء المتواصل للجدار الإسرائيلي والتوسّع الاستيطاني في المنطقة يفرض صعوبات جمّة على سكان قرية بلعين الذين تُشكّل الزراعة بالنسبة لهم مصدراً أساسياً للدخل والرزق. ويمنع الجيش الإسرائيلي سكان القرى الفلسطينيين من الحركة وزراعة أراضي آبائهم وأجدادهم بحرية. كما يتعرّض سكان القرى الفلسطينيين بصورة دائمة لهجمات المستوطنين الإسرائيليين.
لقد قامت مجموعات إسرائيلية وفلسطينية ودولية على مدى عدة أشهر بمظاهرات سلمية لا عنف فيها ضد تشييد الجدار الإسرائيلي والتوسّع الاستيطاني في منطقة بلعين وفي مناطق أخرى من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
هدم المباني الفلسطينية بينما يتم صرف النظر عن البؤر الاستيطانية الإسرائيلية
هدّدت إسرائيل بهدم منزل فلسطيني مؤقت أقامه فلسطينيون ومؤيدون إسرائيليون وأجانب احتجاجاً على استيطان إسرائيل المتواصل للضفة الغربية. هذا المبنى الذي أقيم على أرض تابعة للقرية فصلها الجدار هو مجرّد كوخ صغير. في حين ذكر تقرير إسرائيلي نُشر مؤخراً أنه تم بناء 750 وحدة سكنية في مستوطنة ماتيتياهو القريبة من بلعين بدون موافقة حكومية رسمية2. ومع ذلك لم يتم هدم أي من هذه المباني. يوجد اليوم في الضفة الغربية أكثر من 100 بؤرة استيطانية إسرائيلية.
تشجيع الاستيطان الإسرائيلي حول بلعين
يذكر تقرير نشرته هآرتس مؤخراً أن الحكومة الإسرائيلية تُصدر تصاريح بتواريخ مسبقة لبناء منازل للمستوطنين الإسرائيليين على أرض خاصّة تعود ملكيتها لفلسطينيين من بلعين3. وكثيراً ما تستخدم الحكومة الإسرائيلية هذا الإجراء وتقوم بتزويد مجموعات المستوطنين بالوسائل لتوسيع البؤر الاستيطانية المقامة من دون موافقة حكومية رسمية. داليا ساسون التي عملت سابقاً مستشارة قانونية في وزارة العدل الإسرائيلية، قالت مؤخرا أن المسؤولين الحكوميين ومجموعات المستوطنين ينتهكون بصورة نظامية القانون الداخلي الإسرائيلي لتعزيز المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة4.
يوجد حالياً أربع بؤر استيطانية إسرائيلية حول بلعين حيث تعيش حوالي 40 عائلة من المستوطنين. تتألف هذه البؤر من 38 مبنى، بما فيها ستة مباني دائمة. كافة البؤر الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مثل كل المستوطنات الإسرائيلية، بُنيت في انتهاك للقانون الدولي.
لعب الورقة الديمغرافية
هنالك 14 مستوطنة مُقامة حول بلعين وهي من أسرع المستوطنات نمواً في الضفة الغربية، وخصوصا مستوطنات في "كتلة" موديعين حيث يبلغ معدّل النمو السكاني السنوي فيها 12%، وهو أكثر من أربعة أضعاف معدل النمو في المدن والقرى داخل إسرائيل. في حين ان الظروف التي تفرضها إسرائيل في منطقة بلعين تجعل الحياة صعبة جداً على الفلسطينيين الذين يعيشون هناك، بينما تقوم الحكومة الإسرائيلية في ذات الوقت بتزويد الإسرائيليين بالحوافز للانتقال إلى المنطقة لتغيير تكوينها الديموغرافي.
وبدون تجميد كامل لكافة النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية، كما تنص خارطة الطريق، يخشى الفلسطينيون بأن تنجح إسرائيل في طرد السكان الفلسطينيين الأصليين من أرض الآباء والأجداد وتوطين المستوطنين اليهود مكانهم، لتقضي بذلك على الحل المبني على قيام دولتين وفرص إحلال سلام عادل ودائم في المنطقة.
1. هآرتس، الجيش الإسرائيلي يُكمل إخلاء البؤرة الاستيطانية في بلعين، 23 كانون أول 2005.
2. هآرتس، الوثائق تكشف عن مشروع بناء غير قانوني في الضفة الغربية، 3 كانون ثاني 2006.