في ما يأتي النص الرسمي الكامل للتقرير الذي أصدرته لجنة ميتشل لتقصي الحقائق والتي تشكلت في مؤتمر سلام الشرق الأوسط الذي انعقد في شرم الشيخ بمصر في تشرين أول (أكتوبر) 2000 لبحث أسباب اندلاع انتفاضة الأقصى في فلسطين أواخر شهر أيلول (سبتمبر) الماضي. وهذا النص هو الترجمة الرسمية للوثيقة التي سلمت إلى الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش:
لجنة شرم الشيخ لتقصي الحقائق
30 نيسان (أبريل) 2001
صاحب السيادة جورج دبليو بوش
رئيس الولايات المتحدة
البيت الأبيض
واشنطن
حضرة الرئيس:
تجدون طيه تقرير لجنة شرم الشيخ لتقصي الحقائق.
لقد طلبنا، وحصلنا على، معلومات ومشورة من مجموعة كبيرة من الأشخاص، والمنظمات، والحكومات. ولكن الاستنتاجات والتوصيات (التي يتضمنها التقرير) هي استنتاجاتنا وتوصياتنا وحدنا.
إننا نشكر لكم ولحكومتكم الدعم الذي وفرتموه للجنة.
مع وافر الاحترام ..
سليمان ديميريل (توقيعه)، ثوربيورن جاغلاند (توقيعه)، وورين رادمان (توقيعه)، خافيير سولانا (توقيعه)، جورج ميتشل "رئيس اللجنة".
ملخص التوصيات:
على حكومة إسرائيل والسلطة الفلسطينية أن تعملا بسرعة وحزم لوقف أعمال العنف. بعد ذلك، يجب أن تكون أهدافهما الفورية إعادة بناء الثقة واستئناف المفاوضات.
خلال هذه المهمة، كان هدفنا تنفيذ التفويض الذي تم الاتفاق عليه في شرم الشيخ. وإننا نقدّر الدعم الذي قدمه المشاركون في القمة لعملنا، ونهنئ الطرفين على تعاونهما.
توصيتنا الرئيسية هي أن يعاود الطرفان التزام روح (مؤتمر) شرم الشيخ، ويطبقا القرارات التي اتخذت هناك في عامي 1999 و2000. ونعتقد أن المشاركين في القمة سيدعمون إجراءات جريئة يتخذها الطرفان لتحقيق هذه الأهداف.
إن استعادة الثقة أمر ضروري، وينبغي على الطرفين أن يتخذا خطوات تحقيقاً لهذه الغاية. وإزاء هذا المستوى من العداء والريبة، يعتبر توقيت وتتابع هذه الخطوات أمراً بالغ الأهمية بالطبع. وهذا أمر لا يمكن لأحد أن يقرره سواهما. وإننا نحثهما على البدء فوراً بعملية اتخاذ القرار.
وعليه، نوصي باتخاذ الخطوات التالية:
إنهاء العنف:
على حكومة إسرائيل والسلطة الفلسطينية أن تعيدا تأكيد التزامهما بالاتفاقات والتعهدات القائمة، كما يجب عليهما أن تنفذا فوراً وقفاً غير مشروط لأعمال العنف.
على حكومة إسرائيل والسلطة الفلسطينية أن تستأنفا التعاون الأمني فوراً.
بناء الثقة:
على السلطة الفلسطينية وحكومة إسرائيل أن تعتمدا "فترة تهدئة" ذات مغزى، وتطبقا المزيد من تدابير بناء الثقة، بعضها مذكور بالتفصيل في بيان شرم الشيخ الصادر في تشرين أول (أكتوبر) عام 2000، والبعض الآخر طرحته الولايات المتحدة في القاهرة في السابع من كانون ثاني (يناير) عام 2001 (الرجاء مراجعة قسم التوصيات لمزيد من الوصف التفصيلي).
على السلطة الفلسطينية وحكومة إسرائيل أن تستأنفا جهودهما الرامية إلى كشف، وشجب أعمال التحريض بكل أشكالها، والثني عنها.
على السلطة الفلسطينية أن توضح للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، من خلال إجراءات ملموسة، أن الإرهاب أمر يستحق الشجب وغير مقبول، وأن السلطة الفلسطينية ستبذل جهداً بنسبة مائة بالمائة لمنع العمليات الإرهابية ومعاقبة مرتكبيها. ويجب أن يتضمن هذا الجهد خطوات فورية للقبض على، وسجن، الإرهابيين الذين يعملون ضمن المناطق الخاضعة للسلطة القضائية للسلطة الفلسطينية.
على حكومة إسرائيل أن تُجمّد كل النشاط الاستيطاني، بما في ذلك "النمو الطبيعي" للمستوطنات القائمة.
على حكومة إسرائيل أن تضمن قيام قوات الدفاع الإسرائيلية بتبنّي وتطبيق سياسات وإجراءات تُشجع ردوداً غير مميتة على المتظاهرين العزل، بهدف التقليل، إلى أدنى حد ممكن، من الإصابات، ومن الاحتكاك بين الفريقين.
على السلطة الفلسطينية أن تمنع المسلحين من استخدام مناطق فلسطينية مأهولة لإطلاق النار على مناطق إسرائيلية مأهولة وعلى مواقع قوات الدفاع الإسرائيلية. إن هذه الأسلوب يعرّض المدنيين في الجانبين إلى مخاطر لا لزوم لها.
على حكومة إسرائيل أن ترفع الحصار، وتحول إلى السلطة الفلسطينية كل عائدات الضرائب المستحقة لها، وتسمح للفلسطينيين الذين كانوا يعملون في إسرائيل بالعودة إلى أعمالهم؛ كما يجب عليها أن تضمن امتناع قوى الأمن والمستوطنين عن هدم وتدمير المنازل والطرق، وإتلاف واقتلاع الأشجار وسائر الممتلكات الزراعية في المناطق الفلسطينية. وقد أخذنا علماً بموقف حكومة إسرائيل القائل إن الإجراءات من هذا النوع يتم القيام بها لأسباب أمنية. ورغم هذا، فإن الآثار الاقتصادية لهذه الإجراءات سوف تستمر لسنوات.
على السلطة الفلسطينية أن تُجدد تعاونها مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لكي تضمن، إلى أقصى حد ممكن، أن يكون العمال الفلسطينيون الموظفون في إسرائيل ممن تم التدقيق في أوضاعهم تدقيقاً كاملاً، وأن لا صلات لهم على الإطلاق بمنظمات أو أشخاص ضالعين في الإرهاب.
على السلطة الفلسطينية وحكومة إسرائيل أن تدرسا إصدار تعهّد مشترك للحفاظ على، وحماية، الأماكن المقدسة التي يعتبرها كذلك اليهود، والمسلمون، والمسيحيون.
على حكومة إسرائيل والسلطة الفلسطينية أن تتبنيا معاً، وتدعما معاً، عمل المنظمات الفلسطينية والإسرائيلية غير الحكومية التي تقوم بمبادرات تخدم المجتمعين وتربط بين الشعبين.
استئناف المفاوضات:
انسجاما مع روحية الاتفاقات والتفاهمات التي تم التوصل إليها في شرم الشيخ عامي 1999 و2000، نوصي بأن يجتمع الطرفان لتأكيد التزامهما بالاتفاقات والتفاهمات المتبادلة الموقعة، واتخاذ الإجراءات التي تتطابق معها. ويجب أن يكون هذا الأمر أساساً لاستئناف مفاوضات كاملة هادفة.
مقدمة:
في 17 تشرين أول (أكتوبر) 2000، لدى ختام قمة سلام الشرق الأوسط في شرم الشيخ بمصر، تحدث رئيس الولايات المتحدة بالنيابة عن الجهات المشاركة في المؤتمر (وهي حكومة إسرائيل، والسلطة الفلسطينية، وحكومات مصر والأردن والولايات المتحدة، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي). ومما قاله الرئيس:
سوف تُشكّل الولايات مع الإسرائيليين والفلسطينيين، وبالتشاور مع الأمين العام للأمم المتحدة، لجنة تقصي حقائق في صدد الأحداث التي وقعت في الأسابيع القليلة الماضية وكيفية الحؤول دون تكرارها. وسيطلع رئيس الولايات المتحدة الأمين العام للأمم المتحدة والطرفين على تقرير اللجنة قبل نشره. وسوف يتمّ تقديم تقرير نهائي، برعاية رئيس الولايات المتحدة، إلى النشر"1.
في السابع من تشرين ثاني (نوفمبر) 2000، وفي أعقاب مشاورات مع سائر المشاركين في المؤتمر، طَلَب منّا الرئيس أن نكون أعضاء في ما أصبحت تعرف بلجنة شرم الشيخ لتقصي الحقائق. وفي رسالة وجهها لنا الرئيس في السادس من كانون أول (ديسمبر) 2000، قال:
"إن هدف القمة، وهدف الاتفاق الذي تم التوصل إليه نتيجة لها، كان وضع حد لأعمال العنف، ومنع تكرارها،" وإيجاد سبيل للعودة إلى عملية السلام. ولذلك يتعين على اللجنة أن تسترشد في إجراءاتها وطريقة عملها بهذه الأهداف الهامة على اللجنة أن تعمل جاهدة للابتعاد عن أي خطوة من شأنها زيادة تبادل الإنحاء باللوم والاتهامات بين الطرفين. وكما أشرت في رسالة سابقة: "يجب ألا تصبح اللجنة قوة مشيعة للانقسام أو محوراً للوم وتبادل الاتهامات، إنما يجب أن تعمل لوقف أعمال العنف والمواجهة وتقدّم عبراً للمستقبل". يجب ألا تكون هذه بمثابة محكمة هدفها تحديد المذنب أو البريء من الأشخاص أو الأطراف؛ بل يجب أن تكون لجنة تقصي حقائق هدفها معرفة ما حدث وكيفية تحاشي تكراره في المستقبل."2
بعد اجتماعنا الأول، الذي عُقد قبل زيارتنا المنطقة، ألححنا على وضع حد لكل أعمال العنف. ولقد أدّت اجتماعاتنا، وما لاحظناه خلال زياراتنا اللاحقة للمنطقة إلى زيادة قناعتنا في هذا الصدد. فالعنف، أيّاً كان مصدره، لن يحل مشاكل المنطقة. إنه لا يؤدي إلا إلى زيادة تفاقمها. الموت والدمار لن يحققا السلام، ولكنهما يزيدان الأحقاد ويشددان من عزيمة الجانبين. هناك سبيل واحد لتحقيق السلام والعدالة والأمن في الشرق الأوسط، هو سبيل المفاوضات.
رغم تاريخهم الطويل وشدة قربهم من بعضهم البعض، يبدو أن بعض الإسرائيليين وبعض الفلسطينيين لا يدركون إدراكاً كاملاً مشاكل ودواعي قلق بعضهم البعض. ويبدو أن بعض الإسرائيليين لا يُدركون مدى الهوان والإحباط الذي يجد الفلسطينيون أنفسهم يتحمّلونه كل يوم نتيجة عيشهم مع النتائج المستمرة للاحتلال، والذي يُثبتّه وجود القوات العسكرية الإسرائيلية والمستوطنات بينهم، أو مدى تصميم الفلسطينيين على تحقيق الاستقلال وتقرير المصير الحقيقي. ويبدو أن بعض الفلسطينيين لا يدركون مدى ما يولّد الإرهاب من الخوف بين أفراد الشعب الإسرائيلي ويُضعف اعتقادهم بإمكانية التعايش، أو عزم حكومة إسرائيل على القيام بكل ما هو ضروري لحماية شعبها.
لقد زاد الخوف، والحقد، والغضب، والإحباط لدى الجانبين. والخطر الأكبر على الجميع هو أن ثقافة السلام، التي نمت وترعرعت خلال العقد السابق، يتم تحطيمها. ويحل محلها شعور متزايد من التسليم بعدم جدوى أي شيء، واليأس، ولجوء متزايد إلى العنف.
على القادة السياسيين لدى الجانبين أن يعملوا ويتحدثوا بحزم لعكس هذه الاتجاهات الخطرة؛ عليهم أن يُعيدوا إذكاء الرغبة في السلام والاندفاع نحوه. لا شك في أن ذلك سيكون صعباً. ولكن يُمكن القيام به ويجب القيام به، لأن البديل غير مقبول ويجب عدم أخذه بعين الاعتبار.
شعبان أبيّان يتشاطران أرضاً وقدراً. ولقد أدت مطالبهما المتنافسة وخلافاتهما الدينية إلى نزاع طاحن، ومثبط للعزيمة، وينزع عن البشر صفتهم الإنسانية. وبإمكان الشعبين إمّا مواصلة النزاع أو التفاوض لإيجاد سبيل للعيش جنباً إلى جنب بسلام.
هناك سجل من الإنجازات. في عام 1991، عُقد أول مؤتمر سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين في مدريد من أجل تحقيق سلام يستند إلى قراري مجلس الأمن 242 و338. وفي عام 1993، اجتمعت منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في أوسلو في أول مفاوضات تتم بينهما وجهاً لوجه؛ وأدت هذه المفاوضات إلى اعتراف متبادل بين الجانبين وصدور إعلان مبادئ (وقّعه الطرفان في واشنطن عاصمة الولايات المتحدة في 13 أيلول/ سبتمبر 1993) رسم مخطط طريق يوصل إلى الغاية التي تم الاتفاق عليها في مدريد. ومنذ ذلك الحين، تم اتخاذ خطوات هامة في القاهرة وواشنطن وأماكن أخرى. وفي العام الماضي اقترب الطرفان كثيراً من التوصل إلى حل دائم.
لقد تم تحقيق الكثير. وهناك الكثير في خطر. وإذا كان للطرفين أن ينجحا في إتمام رحلتهما والوصول إلى مقصدهما المشترك، ينبغي تطبيق الالتزامات المتفق عليها، واحترام القانون الدولي، وحماية حقوق الإنسان. إننا نشجعهما على العودة إلى المفاوضات، مهما كانت عسيرة. إنها السبيل الوحيد المفضي إلى السلام والعدالة والأمن.
مناقشة:
إن المشاركين في قمة تشرين أول (أكتوبر) الماضي كانوا يأملون وينوون، كما يتضح من بياناتهم، أن تتوقف أعمال العنف التي كانت قد اندلعت قبل أقل من شهر. ورسائل رئيس الولايات المتحدة إلينا، التي تطلب منّا تقديم توصيات حول كيفية منع تكرار أعمال العنف، تعكس تلك النية.
رغم هذا، لم يتوقف العنف، بل ازداد سوءاً. وهكذا أصبح الهم الطاغي لمن تحدثّنا إليهم في المنطقة هو وقف العنف والعودة إلى عملية إقامة سلام يُمكن الحفاظ عليه. ذلك هو ما قيل لنا، وطُلب منا أن نتولاه، من قبل الإسرائيليين ومن قبل الفلسطينيين على حدٍ سواء. وتلك الرسالة نقلها لنا أيضاً الرئيس المصري (حسني) مبارك، وعاهل الأردن الملك عبد الله، والأمين العام للأمم المتحدة (كوفي) عنان.
إن همّهم يجب أن يكون همّنا. وإذا كان لتقريرنا أن يكون له تأثير، يجب أن يتناول الوضع القائم، وهو مختلف عن الوضع الذي تصوّره المشاركون في القمة. وفي هذا التقرير، سنحاول الإجابة عن الأسئلة التي حددتها لنا قمة شرم الشيخ وهي:
ماذا حصل؟
ولماذا حصل؟
ولكن في ضوء الوضع الراهن، علينا التوسع في القسم الثالث من التفويض المعطى لنا، وهو: كيف يمكن منع تكرار العنف؟ إن جدوى وتأثير عملنا سيتم قياسهما، في نهاية المطاف، بالتوصيات التي تقدمها في خصوص التالي:
إنهاء العنف.
إعادة بناء الثقة.
استئناف المفاوضات.
ماذا حصل؟
نحن لسنا هيئة محكمة. ولقد تقيّدنا بالطلب الذي يَقضي بألاّ نُحدد من هو المذنب أو البريء من الأشخاص والأطراف. نحن لا نتمتّع بسلطة إجبار شهود على الإدلاء بشهاداتهم ولا سلطة طلب تقديم وثائق. معظم المعلومات التي تلقيناها وردت من الطرفين، وكانت هذه المعلومات تميل على العموم إلى دعم حججهما، وهذا ليس أمراً مستغرباً بالطبع.
في هذا الجزء من تقريرنا، لا نحاول أن نذكر بالتسلسل كل الأحداث التي وقعت منذ أواخر أيلول (سبتمبر) 2000 وما بعد. ولكننا سنبحث فقط في تلك الأحداث التي ألقت ضوءاً على أسباب العنف.
في أواخر أيلول (سبتمبر) 2000، وصلت لمسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين وغيرهم أنباء مفادها أن عضو الكنيست (هو الآن رئيس الوزراء) آرييل شارون يُخطط لزيارة الحرم الشريف/ جبل الهيكل في القدس. وحثّ مسؤولون فلسطينيون وأمريكيون رئيس وزراء إسرائيل آنذاك إيهود باراك على منع الزيارة3. وقال لنا السيد باراك إنه اعتقد أن المقصود بالزيارة هو أن تكون عملاً سياسياً داخلياً موجّهاً ضده هو من قبل خصم سياسي، فامتنع عن منعها.
قام السيد شارون بزيارته في 28 أيلول (سبتمبر) يرافقه أكثر من 1000 شرطي إسرائيلي. ومع أن الإسرائيليين نظروا إلى الزيارة في إطار سياسي داخلي، اعتبرها الفلسطينيون استفزازية جداً لهم. وفي اليوم التالي، وفي المكان نفسه، تواجه حشد كبير من المتظاهرين الفلسطينيين مع وحدة كبيرة من رجال الشرطة الإسرائيليين. وحسب ما ذكرت وزارة الخارجية الأمريكية "قام الفلسطينيون بمظاهرات ضخمة ورشقوا رجال الشرطة بالحجارة في جوار الحائط الغربي. واستخدم رجال الشرطة رصاصاً معدنياً مغلفاً بالمطاط، كما استخدموا رصاصاً حياً، لتفريق المتظاهرين، ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص وجرح حوالي 200"4. وذكرت بيانات الحكومة الإسرائيلية أن 14 شرطياً إسرائيليا أصيبوا بجروح5.
وقامت مظاهرات مماثلة في الأيام القليلة التالية6. وهكذا بدأت ما أصبح يُعرف باسم "انتفاضة الأقصى".
تؤكد حكومة إسرائيل أن الحافز المباشر لأعمال العنف كان انهيار مفاوضات كامب ديفيد في 25 تموز (يوليو) 2000 و"الاعتقاد الواسع النطاق لدى الأسرة الدولية بأن الفلسطينيين هم المسؤولون عن المأزق"7. ووفق وجهة النظر هذه، فإن أعمال العنف التي قام بها الفلسطينيون خططت لها قيادة السلطة الفلسطينية، وكانت تهدف إلى "الاستفزاز وإيقاع إصابات بين الفلسطينيين كسبيل لاستعادة زمام المبادرة الدبلوماسية"8.
تَنفي مُنظمة التحرير الفلسطينية صحة الادعاء القائل إن الانتفاضة كان مُخططاً لها. ولكنها تدّعي أن "(قمة) كامب ديفيد لم تكن أكثر من محاولة إسرائيلية لتوسيع مدى القوة التي تمارسها إسرائيل على الأرض بحيث تشمل المفاوضات أيضاً"9، وأن "فشل القمة، ومحاولات تحميل الجانب الفلسطيني اللوم زادا من التوتر الذي كان قائماً على الأرض..."10
من وجهة نظر منظمة التحرير الفلسطينية، ردّت إسرائيل على الاضطرابات باستخدام مفرط وغير قانوني للقوة ضد المتظاهرين؛ وهو تصرف عكس، برأي منظمة التحرير الفلسطينية، ازدراء بأرواح وسلامة الفلسطينيين. وبالنسبة إلى الفلسطينيين فإن ما رآه كثيرون من مشاهد مقتل محمّد الدرة البالغ الثانية عشرة من العمر في غزة يوم 30 أيلول (سبتمبر) وهو في حضن والده، عزّز هذا الاعتقاد.
من وجهة نظر حكومة إسرائيل، كانت المظاهرات من تنظيم وتوجيه القيادة الفلسطينية بهدف إيجاد تعاطف مع قضيتها في مختلف أنحاء العالم وذلك باستفزاز قوات الأمن الإسرائيلية لجعلها تُطلق النار على المتظاهرين، وخاصة الصغار منهم.
وبالنسبة إلى الإسرائيليين، فإن قيام جمهور غاضب من الفلسطينيين بقتل عسكريين إسرائيليين من جنود الاحتياط، هما الرقيب الأول فاديم نوفيش والعريف الأول يوسف أفراهيمي، في رام الله في 12 تشرين أول (أكتوبر)، عَكَس حقداً دفينا لدى الفلسطينيين على إسرائيل واليهود.
وما بدأ كسلسلة من المواجهات بين متظاهرين فلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية، وأدى إلى قيام حكومة إسرائيل بفرض أول تقييدات لحركة الناس والسلع في الضفة الغربية وقطاع غزة (الإغلاقات)، تطوّر منذ ذلك الحين إلى مجموعة أوسع نطاقاً من أعمال العنف والردود عليها. ولقد حصلت أعمال تبادل إطلاق نار بين مناطق متداخلة البنيان، وحوادث قنص واشتباكات بين مستوطنين إسرائيليين وفلسطينيين.
ووقعت أيضاً أعمال إرهابية وردود فعل إسرائيلية عليها (تصفها حكومة إسرائيل بأنها أعمال مكافحة إرهاب) منها أعمال قتل، ومزيد من تهديم وتخريب للممتلكات وتدابير اقتصادية. وفي الآونة الأخيرة، وقعت هجمات بمدافع الهاون على مواقع إسرائيلية، كما قامت قوات الدفاع الإسرائيلية بدخول مناطق فلسطينية.
من وجهة النظر الفلسطينية، يعتبر قرار إسرائيل وصف الأزمة الحالية بأنها "نزاع مسلّح لا يصل إلى حد الحرب"11 مجرّد سبيل "لتبرير ما تتبعه من سياسة اغتيالات، وسياسة فرض عقوبات جماعية، واستخدام القوة المميتة"12. ومن وجهة النظر الإسرائيلية، فإن "القيادة الفلسطينية حرّضت، ونظّمت، ووجهت أعمال العنف.واستخدمت، ولا تزال تستخدم، الإرهاب والاستنزاف كأدوات استراتيجية"13.
في ما قدّماه لنا، تبادل الطرفان الاتهامات في صدد الدوافع ومقدار السيطرة التي يمارسها الطرف الآخر. ولكن لم تُقدّم لنا أدلّة مُقنعة تُظهر أن زيارة شارون كانت أكثر من عمل سياسي داخلي؛ كما لم تُقدّم لنا أي أدلّة مقنعة تُظهر أن السلطة الفلسطينية هي التي خططت للانتفاضة.
وعليه، ليس لدينا أي سبب لاستنتاج أنه كانت هناك خطة مدروسة من قبل السلطة الفلسطينية للشروع في حملة عنف لدى سنوح أول فرصة؛ أو لاستنتاج أنه كانت لدى حكومة إسرائيل خطة مدروسة للرد بقوة مميتة.
ولكن ليست هناك أيضاً أي أدلة تدعو إلى استنتاج أن السلطة الفلسطينية بذلت جهداً ثابتاً متواصلاً لاحتواء المظاهرات وضبط أعمال العنف عندما بدأت؛ أو أن حكومة إسرائيل بذلت جهداً ثابتاً متواصلاً لاستخدام وسائل غير مميتة لضبط مظاهرات الفلسطينيين العُزّل. وفي غمرة تزايد الغضب، والخوف، والريبة، افترض كل من الطرفين الأسوأ لدى الطرف الآخر وتصرف على هذا النحو.
إن زيارة شارون لم تتسبب بـ "انتفاضة الأقصى". ولكن تلك الزيارة كانت سيئة التوقيت، وكان ينبغي توقّع تأثيرها الاستفزازي؛ وفي الواقع تم توقع هذا التأثير من قبل الذين حثّوا على منعها. الأهم من تلك الزيارة كانت الأحداث التي تلتها: قرار الشرطة الإسرائيلية في 29 أيلول (سبتمبر) استخدام وسائل مميتة ضد المتظاهرين الفلسطينيين؛ وما تبع ذلك من عدم قيام أي من الطرفين، كما ذكرنا آنفاً، بممارسة ضبط النفس.
لماذا حصلت؟
تمتد جذور العنف الحالي إلى أعمق بكثير من مؤتمر قمة لم يُحقق النتائج المرجوة. فكل من الطرفين يبدي بوضوح خيبة أمل مريرة حيال تصرفات الطرف الآخر لجهة عدم تحقيق التوقعات التي نشأت من عملية السلام التي انطلقت في مدريد عام 1991، ومن ثم في أوسلو عام 1993. ويتهم كل جانب الجانب الآخر بخرق تعهدات معيّنة وتقويض روح التزامهما حل مشاكلهما السياسية بالطرق السلمية.
توقعات متباينة: لقد صدمنا ما أبداه الطرفان من تباين التوقعات في ما خص تطبيق عملية أوسلو. والنتائج التي تم تحقيقها من هذه العملية كانت مما يتعذّر مجرد التفكير فيه قبل عشر سنوات. فخلال الجولة الأخيرة من المفاوضات، كان الطرفان أقرب للتوصل إلى حل نهائي مما كانا في أي وقت مضى.
رغم هذا، أبلغنا كل من الإسرائيليين والفلسطينيين أن الفكرة التي تستند إليها عملية أوسلو، وهي تأجيل معالجة قضايا "الوضع النهائي" الصعبة إلى آخر العملية، أخذت تتعرض تدريجياً إلى ضغط شديد. وعملية الخطوة خطوة التي اتفق عليها الطرفان كانت تستند إلى افتراض أن كل خطوة في عملية المفاوضات ستؤدي إلى تعزيز الثقة بينهما. ولتحقيق ذلك، كان ينبغي على كل من الطرفين تنفيذ الالتزامات المتفق عليها والامتناع عن القيام بأي أعمال يعتبرها الطرف الآخر محاولات لتقويض العملية من أجل أن يقرر مسبقاً شكل النتيجة النهائية. وإذا لم يتم الوفاء بهذا الشرط، لا يمكن لمخطط أوسلو أن ينجح في الوصول إلى الغاية المنشودة. واليوم، يلوم كل جانب الجانب الآخر لتجاهله هذه الناحية الجوهرية، ما أدى إلى أزمة ثقة. وهذه المشكلة أصبحت أشد إلحاحاً لدى بدء محادثات الوضع النهائي.
لقد جعلت حكومة إسرائيل من أولوياتها السير قُدُماً باتجاه اتفاق على الوضع النهائي في جو خال من العنف، ومنسجم مع الالتزامات التي تتضمنها الاتفاقات التي تم التوصل إليها بين الجانبين. "حتى ولو كان الأمر أبطأ مما تم تصوّره في الأصل، فقد تحقق منذ بداية عملية السلام في مدريد عام 1991 تقدم مطرد نحو هدف التوصل إلى اتفاق على الوضع النهائي دون اللجوء إلى العنف على النحو الذي اتسمت به الأسابيع الأخيرة"14. و"الهدف" هو اتفاق الوضع النهائي، الذي ينبغي على الطرفين التفاوض على شروطه.
ترى منظمة التحرير الفلسطينية أن التأخير في العملية سببه محاولة إسرائيلية لإطالة أمد الاحتلال وترسيخه. والفلسطينيون "اعتقدوا أن عملية أوسلو ستؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في خمس سنوات"15، وهو الإطار الزمني للمرحلة الانتقالية المحددة في إعلان المبادئ. وبدلاً من ذلك حصل، في رأي منظمة التحرير الفلسطينية، تأخير إسرائيلي متكرر بلغ ذروته في قمة كامب ديفيد حيث "اقترحت إسرائيل ضم نسبة حوالي 11.2 بالمائة من الضفة الغربية (باستثناء القدس)..."
وطرحت مقترحات غير مقبولة في صدد القدس، والأمن واللاجئين. "وباختصار، تضمنت اقتراحات إسرائيل في كامب ديفيد ضم أفضل الأراضي الفلسطينية لإسرائيل، وإدامة السيطرة الإسرائيلية على القدس الشرقية، واستمرار الوجود العسكري الإسرائيلي على أراض فلسطينية، وسيطرة إسرائيل على الموارد الطبيعية الفلسطينية، وعلى المجال الجوي الفلسطيني والحدود الفلسطينية، وإعادة أقل من نسبة واحد بالمائة من اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم"16.
يعتبر الجانبان عدم التقيّد الكامل بالاتفاقات التي تم التوصل إليها منذ بدء عملية السلام دليلاً على عدم توفر حسن النية. وأدى هذا الاستنتاج إلى تبدد الثقة حتى قبل الشروع بمفاوضات الوضع النهائي.
وجهات نظر متباينة: خلال فترة الأشهر السبعة الماضية، تصلّبت هذه الآراء لتصبح حقائق متباينة. فكل جانب يعتبر أن الجانب الآخر تصرّف بسوء نية؛ وحوّل تفاؤل أوسلو إلى معاناة وأسى للضحايا وأحبتهم. ويبدي كل من الطرفين، في بياناته وأعماله، وجهة نظر لا تعترف بوجود أي حقيقة في وجهة نظر الطرف الآخر.
وجهة النظر الفلسطينية: اعتبر الجانب الفلسطيني أن مفاوضات مدريد وأوسلو ضمنت إمكانية نشوء دولة، وضمنت نهاية الاحتلال وحل القضايا المعلقة في غضون فترة متفق عليها من الوقت. والفلسطينيون غاضبون حقاً لاستمرار نمو المستوطنات ولما يعانونه يومياً من مهانة وعرقلة (في حياتهم اليومية) نتيجة الوجود الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية. ويعتبر الفلسطينيون وجود المستوطنين والمستوطنات بينهم لا انتهاكاً لروح عملية أوسلو فحسب، بل أيضاً استخداماً للقوة نظراً للتفوق العسكري الإسرائيلي الساحق، الذي يدعم بقاء المستوطنات ويحميها.
ينص الاتفاق المرحلي على أن الجانبين "يعتبران الضفة الغربية وغزة وحدة أراض واحدة، تجب المحافظة على سلامتها ووحدتها ووضعها خلال الفترة الانتقالية". إلى جانب هذا، إن ما ينص عليه الاتفاق المرحلي لناحية منع إسرائيل من اتخاذ خطوات يمكن أن تحكم مُسبقاً على مفاوضات الوضع النهائي، يحرم إسرائيل من حق الاستمرار بسياستها الاستيطانية التوسعية وغير القانونية. إضافة إلى الاتفاق المرحلي، تمنع الأعراف القانونية الدولية، بما في ذك ميثاق جنيف الرابع، إسرائيل (باعتبارها دولة محتلة) من إقامة مستوطنات في الأراضي التي تحتلها إلى حين انتهاء النزاع17.
تدّعي منظمة التحرير الفلسطينية أن القادة السياسيين الإسرائيليين "لا يخفون واقع أن التفسير الإسرائيلي لاتفاق أوسلو يهدف إلى تفريق الفلسطينيين في مناطق غير متصلة ببعضها البعض، تحيط بها حدود تسيطر عليها القوات العسكرية الإسرائيلية، وتنتهك المستوطنات وطرق المستوطنات وحدتها وسلامتها"18. تقول منظمة التحرير الفلسطينية إنه "في السنوات السبع التي تلت إعلان المبادئ، تضاعف عدد المستوطنين في الضفة الغربية، ما عدا القدس الشرقية، ليصل إلى 200000 مستوطن، كما زاد عدد المستوطنين في القدس الشرقية ليصبح 170000 مستوطن. وقامت إسرائيل ببناء حوالي 30 مستوطنة جديدة، وتوسيع عدد من المستوطنات القائمة لاستيعاب هؤلاء المستوطنين الجدد"19.
وتدّعي منظمة التحرير الفلسطينية أيضاً أن حكومة إسرائيل لم تتقيد بالتزامات أخرى مثل القيام بمزيد من الانسحابات من الضفة الغربية والإفراج عن سجناء فلسطينيين. إضافة إلى ذلك، أعرب الفلسطينيون عن الإحباط بسبب عقدة اللاجئين والأوضاع الاقتصادية المتردية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وجهة النظر الإسرائيلية: إن زيادة النشاط الاستيطاني واتخاذ تدابير لتيسير معيشة المستوطنين وتأمين سلامتهم أمور لا تؤدّي بنظر الإسرائيليين إلى الحكم مسبقاً على نتيجة مفاوضات الوضع النهائي.
تُدرك إسرائيل أن الجانب الفلسطيني يعترض على المستوطنات في الضفة الغربية وغزة. ودون الحكم مُسبقاً على ما سيكون عليه الوضع الرسمي للمستوطنات، تقبل إسرائيل واقع أن المستوطنات تشكّل قضية معلّقة ينبغي التوصل إلى اتفاق بشأنها كجزء من أي حل يتعلق بالوضع النهائي يتوصل إليه الجانبان. وهذه النقطة تمّ التنويه عنها والاتفاق عليها في إعلان المبادئ الصادر في 13 أيلول (سبتمبر) 1993 وفي اتفاقات أخرى بين الجانبين. ولقد جرت في الواقع الكثير من المناقشات بين الجانبين حول مسألة المستوطنات في مختلف المفاوضات التي عقدت بينهما بهدف التوصل إلى اتفاق على الوضع النهائي20.
وبالفعل، يشير الإسرائيليون إلى أنه في قمة كامب ديفيد وفي محادثات لاحقة لها قدمت حكومة إسرائيل تنازلات ذات شأن في ما خص المستوطنات وذلك في إطار التوصل إلى اتفاق شامل.
لكن الأمن يشكّل المصدر الأساسي للقلق بالنسبة لحكومة إسرائيل. وتقول هذه الحكومة إن منظمة التحرير الفلسطينية خرقت التزاماتها الجادة بمواصلتها استخدام العنف في سعيها إلى تحقيق أهداف سياسية. "إن اهتمام إسرائيل في عملية السلام ينصب على الأمن. ولهذه القضية أهمية طاغية... والأمن أمر لا تساوم ولا تتنازل حكومة إسرائيل في شأنه. إن عدم تقيّد الجانب الفلسطيني بنص وروح الأحكام الأمنية في مختلف الاتفاقات أمر طالما كان مصدر انزعاج لإسرائيل"21.
تقول حكومة إسرائيل إن عدم تقيّد الفلسطينيين هذا يتخذ أشكالاً عدة: تحريض منظم ضد إسرائيل وضد اليهود؛ الإفراج عن إرهابيين من السجون؛ عدم ضبط أسلحة موجودة في أيدي الناس خلافاً للقانون؛ والقيام بأعمال عنف، تتراوح بين دس مسلحين في المظاهرات وبين شن هجمات إرهابية على المدنيين. وتلفت حكومة إسرائيل إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية انتهكت بصورة صريحة نبذها الإرهاب وسائر أعمال العنف 22، ما أدى إلى تقويض الثقة كثيراً بين الطرفين. وتتصور حكومة إسرائيل وجود "خيط، ضمني لكنه واضح، يسري في كل ما أدلى به الفلسطينيون، وهو أن أعمال العنف الفلسطينية ضد إسرائيل والإسرائيليين يمكن تفسيرها، وتفهمها، وهي مشروعة بشكل من الأشكال"23.
إنهاء العنف:
كانت تجربة فترة الأشهر القليلة المنصرمة تجربة شخصية جدا بالنسبة إلى الإسرائيليين والفلسطينيين على حدّ سواء. فمن خلال علاقات القربى، والصداقة، والدين، والعلاقات الاجتماعية والمهنية، أصبح لكل فرد تقريباً من هذين المجتمعين ما يربطه بشخص قُتل أو أصيب إصابة خطيرة في أعمال العنف الأخيرة. لقد أثرت رواياتهم في أنفسنا. خلال زيارتنا الأخيرة للمنطقة، التقينا عائلات ضحايا فلسطينيين وإسرائيليين. لقد أدمت قلوبنا وأحزنتنا كثيراً روايات أفرادها عما لقوه من أسى. واستعملت العائلات الإسرائيلية والفلسطينية العبارات نفسها تقريبا في وصف أحزانها.
عندما تُخبرنا أرملة طبيب إسرائيلي قُتل، وكان رجل سلام بين مرضاه عرب، إنه يبدو أن الفلسطينيين يسعون إلى قتل اليهود لمجرد كونهم يهوداً، يجدر بالفلسطينيين ان يتنبهوا لذلك.
عبّر والدا طفل فلسطيني قُتل في سريره برصاصة طائشة من عيار 50 ملم عن استنتاجات مماثلة في ما يتعلق بالاحترام الذي يكنّه الإسرائيليون لحياة الفلسطينيين، يجدر بالإسرائيليين ان يصغوا لذلك. عندما نرى جثث الأطفال الممزقة، نُدرك ان الوقت قد حان لكي يوقف البالغون العنف.
مع اتساع انتشار العنف، عمد كل من الطرفين إلى رسم صور نمطية عدائية عن الآخر. ولعل كسر هذه الحلقة المفرغة ليس بالأمر السهل. فدون الكثير من العزم والاستعداد للتوصل إلى حلول وسط، ستكون عملية إعادة بناء الثقة مهمة مستحيلة.
* وقف العنف: منذ عام 1991، التزم الطرفان بشكل متواصل في كل اتفاقاتها سبيل اللاعنف. وهذا ما فعلاه مؤخراً في قمتي شرم الشيخ اللتين عقدتا في أيلول (سبتمبر) 1999 وتشرين أول (أكتوبر) 2000. ولوقف العنف الآن، لا تحتاج السلطة الفلسطينية ولا حكومة إسرائيل إلى "إعادة اختراع العجلة". بل ينبغي عليهما اتخاذ خطوات فورية لوضع حد للعنف وإعادة تأكيد التزاماتهما المتبادلة، واستئناف المفاوضات.
*استئناف التعاون الأمني: اخبرنا مسؤولون أمنيون فلسطينيون أن السلطة الفلسطينية يلزمها بعض الوقت، ربما بضعة أسابيع، كي تتمكن من إعادة فرض سيطرتها الكاملة على العناصر المسلحة العاملة اسميا بإمرتها، وتتمكن من ممارسة تأثير حاسم على عناصر مسلحة أخرى تعمل ضمن الأراضي الفلسطينية. ولم يطعن المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون في صحة هذه التأكيدات. المهم هو أن تبذل السلطة الفلسطينية جهداً شاملاً لفرض وقف تام للعنف، على أن يكون هذا الجهد جلياُ بالنسبة إلى حكومة إسرائيل. وعلى حكومة إسرائيل كذلك أن تمارس جهدا بنسبة مائة بالمائة للتحقق من عدم تحول نقاط الاحتكاك المحتملة، حيث يلتقي الفلسطينيون بالإسرائيليين المسلحين، إلى أماكن لتجدد القتال.
لقد عكس انهيار التعاون الأمني في بدايات شهر تشرين ثاني (نوفمبر) اعتقاد كل جهة بأن الجهة الأخرى اعتمدت طريق العنف في عملها. وإذا كان الفريقان يطمحان إلى بلوغ مرحلة بذل جهد بنسبة مائة بالمائة بهدف منع العنف، فإن استئناف التعاون في مجال الأمن أمر لا بد منه.
إننا نقرّ بممانعة السلطة الفلسطينية في أن ينظر إليها وكأنها تسهل عمل أجهزة الأمن الإسرائيلية في ظل غياب إطار سياسي معلن (أي مفاوضات ذات شأن) وتحت وطأة التهديد بتوسع الاستيطان الإسرائيلي. والواقع أن التعاون الأمني لا يمكن أن يستمر دون مفاوضات كهذه، وفي ظل استمرار أعمال يُنظر إليها على أنها تستبق نتائج المفاوضات. لكن انعدام التعاون الأمني من شأنه أن يعزر على الأرجح استمرار العنف. بل، وفي ظل غياب تعاون أمني فعّال، سوف يظل الطرفان يعتبران كل أعمال العنف مباحة رسمياً.
لكي يتمكن الطرفان من تجاوز الطريق المسدود حالياً، عليهما التفكير في طريقة لإعادة إحياء التعاون الأمني. وإننا نطري الجهود المبذولة حالياً لبلوغ هذه الغاية. إن التعاون الفعلي يتوقف على إعادة خلق جو من الثقة والعلاقات الشخصية الطيّبة ودعمها. على الطرفين أن يأخذا على عاتقها مهمة تحمّل عبء التعاون اليومي على أن يظلا منفتحين على الإفادة من مساعدة الآخرين في تسهيل هذا العمل. ومثل هذه المساعدة الخارجية يجب أن تتم برضى الطرفين، ويجب ألا تُهدد تدابير التعاون الثنائي الجيد، أو تتصرف كهيئة محكمة أو أن تتدخل بين الطرفين. حتى العام الماضي كان هناك تعاون جيد أفاد من المساعي الحميدة التي بذلتها الولايات المتحدة (بإقرار الفريقين بفائدتها)، وتلقى دعماً غير مباشر من مشاريع أمنية ومساعدة مباشرة من الاتحاد الأوروبي. يجب أن تؤدي المساعدة الخارجية دور إيجاد الإطار المناسب، ومساندة تثبيت شعور الود بين الطرفين، وإزالة الخلافات حيث أمكن. يجب أن يُنظر إلى هذا الإطار على أنه يساهم في تحقيق سلامة وخير المجتمعَين، إذا كان لهذين المجتمعين أن يقبلا بهذه الجهود.
إعادة بناء الثقة:
ترمز المصافحة التاريخية بين الرئيس (ياسر) عرفات ورئيس الوزراء الراحل (إسحاق) رابين في البيت الأبيض في أيلول (سبتمبر) 1993، إلى توقّع كل من الطرفين أن باب التوصل إلى حل سلمي للخلاف قد تم فتحه. على الرغم من العنف الدائر حالياً، وفقدان الثقة المتبادل، فقد عبّر الفريقان تكراراً عن رغبتهما في السلام.
وتبين أن توجيه هذه الرغبة نحو تقدم حقيقي أمر شاق. إن إعادة بناء الثقة أمر ضروري، وعلى الطرفين أن يقوما بخطوات إيجابية نحو بلوغ هذه الغاية. ونظراً إلى المستوى العالي من العدائية وانعدام الثقة، يبدو من الواضح أن توقيت هذه الخطوات وتتابعها أمر حاسم. وليس بوسع أحد البت في ذلك سوى الطرفين وحدهما. إننا نحثهما على الشروع في عملية البتّ فوراً.
الإرهاب: تعهد الفريقان في مذكرة شرم الشيخ في أيلول (سبتمبر) 1999 باتخاذ إجراءات في صدد أي "تهديد أو عمل إرهابي أو عنف أو تحريض". على الرغم من أن هذه الفئات الثلاث من الأعمال العدائية تستحق الشجب، فليس من باب المصادفة أن يكون "الإرهاب" قد ذكر في رأس القائمة. الإرهاب يعني تعمد قتل أو إيذاء أشخاص غير مقاتلين يتم انتقاؤهم عشوائياً لتحقيق أهداف سياسية. إنه يسعى إلى تحقيق نتائج سياسية من خلال نشر الذعر وزعزعة الروح المعنوية بين السكان. إنه عمل لا أخلاقي، وفي النهاية يصل إلى عكس مبتغاه، ونحن نشجبه ونحض الطرفين على تنسيق جهودها في مجال الأمن بهدف القضاء عليه.
في المعلومات والمذكرات التي قدمتها حكومة إسرائيل لهذه اللجنة، اتهمت السلطة الفلسطينية بدعم الإرهاب عبر إطلاق سراح إرهابيين محتجزين والسماح لجهاز أمن السلطة الفلسطينية بمساعدة عمليات إرهابية وتنفيذها أحيانا، وكذلك بوقف التعاون الأمني. أما السلطة الفلسطينية فتنفي هذه الاتهامات بشدة. لكن الإسرائيليين يعتبرون أن قيادة السلطة الفلسطينية لم تبذل جهداً حقيقياً خلال الأشهر السبعة المنصرمة للحيلولة دون القيام بأعمال إرهابية ضد الإسرائيليين. هذا الاعتقاد يشكل، بحد ذاته، عائقاً كبيراً أمام إعادة بناء الثقة.
إننا نعتقد أن على السلطة الفلسطينية أن تتحمل مسؤولية المساعدة في إعادة بناء الثقة، عبر التوضيح للفريقين أن الإرهاب مكروه غير مقبول، وعبر اتخاذ كل التدابير اللازمة للحؤول دون العمليات الإرهابية، ومعاقبة مرتكبي الجرائم. ويجب أن يتضمن هذا الجهد خطوات فورية لاعتقال إرهابيين يعملون ضمن نطاق صلاحيات السلطة الفلسطينية.
المستوطنات: تتحمل حكومة إسرائيل كذلك مسؤولية المساهمة في إعادة بناء الثقة، فمن الصعب المحافظة على وقف أعمال العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين إذا لم تُجمد الحكومة الإسرائيلية كل نشاطات بناء المستوطنات. على حكومة إسرائيل كذلك أن تدرس جيداً ما إذا كانت المستوطنات التي تُشكل نقاط احتكاك حقيقية وسائل قيمة للمقايضة في مفاوضات مستقبلية أو مكامن استفزاز بإمكانها أن تحول دون بدء مفاوضات مثمرة.
هذا موضوع مثير للجدل بلا شك، وسوف ينظر عدد كبير من الإسرائيليين إلى توصيتنا على أنها بيان بما هو واضح، وسوف يدعمونها. إلا إن كثيرين سوف يعارضونها. لكن يجب ألا يسمح للنشاط الاستيطاني بتقويض عملية استعادة الهدوء واستئناف المفاوضات.
منذ تأسيسها قبل نصف قرن، تمتعت إسرائيل بدعم قوي من الولايات المتحدة. وفي المحافل العالمية، كانت الولايات المتحدة أحياناً الصوت الوحيد المؤيد لإسرائيل. ولكن حتى في علاقة متينة إلى هذا الحد توجد بعض دواعي الخلاف. ومن أبرز دواعي الخلاف هذه معارضة الحكومة الأميركية الثابتة على مر الزمن لسياسات حكومة إسرائيل وممارساتها في ما يتعلق بالمستوطنات. وقد علّق جيمس بيكر، وزير الخارجية آنذاك، في الثاني والعشرين من أيار (مايو) عام 1991، على ذلك قائلاً: "في كل مرة قَصَدت فيها إسرائيل لمهمة تتعلق بعملية السلام، أي في كل رحلة من رحلاتي الأربع، كنت أُستقبَل بإعلان عن نشاط استيطاني جديد. هذا انتهاك لسياسة الولايات المتحدة. ومسألة الاستيطان هي أول مسألة يثيرها العرب، أي الحكومات العربية، ويثيرها الفلسطينيون في أراضيهم - الذين يعيشون في وضع يائس حقاً - عندما نتحدث إليهم. لا أظن أن هناك عقبة تعترض السلام أكبر من العقبة التي يشكلها النشاط الاستيطاني الذي يستمر، لا بصورة مستمرة وحسب، بل بخطى متسارعة"24.
هذه السياسة التي عبر عنها وزير الخارجية بيكر، ناطقا بلسان إدارة الرئيس جورج بوش (الأب)، تمثل في جوهرها سياسة كل إدارة أمريكية على مدى ربع القرن المنصرم25.
ولطالما انتقدت أكثرية البلدان الأخرى، بما فيها تركيا، والنرويج، ودول الاتحاد الأوروبي، سياسة الاستيطان الإسرائيلي، استنادا إلى وجهة نظرها بأن المستوطنات هي غير شرعية بعرف القانون الدولي وتتعارض مع الاتفاقات السابقة.
خلال كل من الزيارتين اللتين قمنا بهما إلى المنطقة، صدرت تصريحات إسرائيلية حول توسّع المستوطنات، وكانت هذه أول قضية يثيرها الفلسطينيون الذين التقينا بهم. خلال زيارتنا الأخيرة راقبنا تأثير 6400 مستوطن على 140000 فلسطيني في الخليل26 وتأثير 6500 مستوطن على ما يقارب 1100000 فلسطيني في قطاع غزة27. وتقول حكومة إسرائيل إن سياستها تحظر قيام مستوطنات جديدة، ولكنها تسمح بتوسيع المستوطنات القائمة أصلا بهدف استيعاب "النمو الطبيعي". ويؤكد الفلسطينيون أن لا فرق بين المستوطنات "الجديدة" و"الموسعة"، ويؤكدون كذلك أن إسرائيل تبذل جهدا مستمراً وقوياً لزيادة عدد المستوطنات وحجمها، ماعدا في فترة التجميد القصيرة في عهد رئيس الوزراء إسحاق رابين.
هذه المسألة هي موضوع جدل واسع داخل إسرائيل إذ ورد في افتتاحية الطبعة الصادرة باللغة الإنكليزية لصحيفة "هآرتس" (الإسرائيلية)، في 10 نيسان (أبريل) 2001 ما يلي: "إن حكومة تسعى إلى تقديم الحجج القائلة إن هدفها هو التوصل إلى حل للنزاع مع الفلسطينيين بالطرق السلمية وإنها تحاول في هذه المرحلة وضع حد للعنف والإرهاب، يجب أن تعلن وقف بناء المستوطنات"28.
لقد تبدلت الظروف في المنطقة كثيرا بالمقارنة مع ما كانت عليه منذ عشرين عاما. إلا أن كلمات الرئيس (رونالد) ريغان لا تزال مناسبة: "إن تبنّي إسرائيل الفوري لسياسة تجميد المستوطنات قد يخلق الثقة المطلوبة أكثر من أي عمل آخر".
فضلاً عن الحسنات الواضحة لتجميد الاستيطان بالنسبة إلى بناء الثقة، نُشير إلى أن مواجهات عديدة خلال النزاع وقعت عند نقاط يلتقي فيها فلسطينيون ومستوطنون وقوى أمن تحمي المستوطنين. إن المحافظة على السلام مع الإبقاء على نقاط الاحتكاك هذه سيكون أمراً في غاية الصعوبة.
تخفيف التوتر: أخبرنا الفلسطينيين والإسرائيليين أن الانفعالات التي تنشأ إثر الوفيات والجنازات الكثيرة التي تحصل مؤخراً أدت إلى مواجهات إضافية وعززت بالفعل حلقة العنف. لا يمكننا أن نحث أي جهة من الجهتين على العدول عن التظاهر ولكن يجب على الجهتين أن توضحا صراحة أن التظاهرات العنيفة لن تكون مقبولة. إننا نحث الطرفين على إظهار المزيد من الاحترام لحياة البشر عندما يواجه المتظاهرون أجهزة الأمن. فضلاً عن ذلك، قد ينطوي أي جهد جديد لوقف العنف، على مرحلة محدودة من تبريد المشاعر يتم خلالها عدم تشجيع قيام مظاهرات شعبية عند نقاط الاحتكاك أو بقربها، بهدف كسر حلقة العنف. وفي حال استمرت التظاهرات، نحثّ على أن يحافظ المتظاهرون ورجال الأمن على مسافة معينة تفصل بينهم بهدف تقليص إمكانية حصول مواجهة مميتة.
الفعل و رد الفعل: شهد أفراد من هيئة موظفي اللجنة حادثاً جرى فيه رشق حجارة في رام الله، من وجهة نظر الفريقين كان الأشخاص الذين يواجهون بعضهم بعضا من الشبان في الغالب. إن غياب قيادة ناضجة من جهة جيش الدفاع الإسرائيلي كان واضحاً. كذلك الأمر بالنسبة إلى غياب مسؤولين من قوى الأمن ومسؤولين آخرين يدعون إلى ضبط النفس من الجهة الفلسطينية.
في ما يتعلق بمثل هذه المواجهات، تتخذ حكومة إسرائيل موقفاً مفاده أن إسرائيل تخوض نزاعاً مسلحاً لا يصل إلى حد الحرب. فهو ليس اضطراباً أهلياً أو مظاهرة أو تمرّدا. بل يتميز بإطلاق نار حي على نطاق كبير.. وتشن الهجمات من قبل ميليشيا مسلحة ومنظمة جيداً"29. إلا إن حكومة إسرائيل تقر بأنه من ضمن 9000 "هجوم" شنه فلسطينيون ضد إسرائيليين "فإن حوالي 2700 منها (أي 30% تقريبا) تضمنت استعمال أسلحة أوتوماتيكية وبنادق ومسدسات يدوية وقنابل ومتفجرات من أنواع أخرى"30.
في الشهور الثلاثة الأولى من الانتفاضة الحالية، لم تشهد معظم الحوادث استعمال الفلسطينيين للأسلحة النارية والمتفجرات. قالت صحيفة "بت سيلم" إن أرقام جيش الدفاع الإسرائيلي تشير إلى أن 73% من الحوادث التي وقعت بين 29 أيلول (سبتمبر) وكانون أول (ديسمبر) 2000 لم تشهد إطلاق نار من الفلسطينيين. ورغم ذلك، ففي تلك الحوادث بالذات قُتل معظم الفلسطينيين أو أصيبوا بجروح"31.
وبالإجمال قُتل حوالي 500 شخص وجرح حوالي 10000 آخرين خلال الأشهر السبعة المنصرمة. والسواد الأعظم من القتلى والجرحى كان من الفلسطينيين. كان بالإمكان تجنب حالات وفاة كثير منهم، وتجنب وفاة إسرائيليين أيضاً.
إن وصف إسرائيل للنزاع بالعبارات السابقة الذكر عريض للغاية: فهو لا يصف بصورة وافية الحوادث التي حصلت منذ أواخر أيلول (سبتمبر) 2000 . فضلاً عن ذلك، بعد تعريف النزاع على هذا النحو، علق جيش الدفاع الإسرائيلي سياسته التي تقتضي إجراء تحقيقات من دائرة الشرطة العسكرية، عندما يقتل فلسطيني في أراض فلسطينية على يدي جندي من جيش الدفاع الإسرائيلي في حادث لا يتضمن إرهاباً. تقول حكومة إسرائيل: "عندما ترى إسرائيل سبباً يدعو إلى التحقيق في حوادث محددة فإنها تقوم بالتحقيق، مع العلم بأنها لا تقوم به بصورة روتينية نظرا إلى ظروف النزاع المسلح"32. إننا نعتبر أن حكومة إسرائيل إذا تخلت عن عبارة "نزاع مسلح لا يصل إلى حد الحرب". وبإعادة إجراء تحقيقات الشرطة العسكرية الإلزامية تستطيع أن تساهم في تخفيف العنف الدامي وإعادة بناء الثقة المتبادلة. وعلى الرغم من الخطر الذي يشكله رماة الحجارة، يجب بذل جهد ما لإظهار الفرق بين الإرهاب والاحتجاجات.33
ثار جدل بين الطرفين حول ما تسميه إسرائيل "استهداف أفراد من المقاتلين الأعداء". أما منظمة التحرير الفلسطينية فإنها تصف هذه الأعمال بأنها "إعدامات خارج نطاق القانون"34، وتدعي بأن إسرائيل تعتمد "سياسة الاغتيال" وهي خرق واضح للمادة 22 من ميثاق جنيف الرابع35. تؤكد حكومة إسرائيل بدورها أن "أي عمل يمكن أن تكون إسرائيل قد قامت به إنما قامت به ضمن حدود المبادئ المناسبة والمقبولة المتعلقة بالأعمال الحربية"36.
وقد أقرت حكومة إسرائيل، في ما يتعلق بالمظاهرات، بأن "حالات فردية من الرد المبالغ فيه قد تكون حصلت، من قبل جندي أو وحدة واقعة تحت وطأة هجوم فلسطيني. فالمعادلة ليست معادلة جيش إسرائيلي في مواجهة متظاهرين من رماة الحجارة الفلسطينيين، بل هي معادلة شخصية"37.
إننا نتفهم هذا القلق، لا سيما وأن الحجارة قد تُسبب التشويه أو القتل. ليس من السهل على بعض الجنود الشبان الذين تواجههم أعداد كبيرة من المتظاهرين المعادين أن يقوموا بالتمييز القانوني الدقيق للوضع وعلى الفور. إلا إن هذه "المعادلة الشخصية" يجب أن تندرج ضمن إطار قواعد أخلاقية منظمة، وفي هذه الحالة، "القواعد الأخلاقية لقوات الدفاع الإسرائيلية" التي تقول:
"إن قدسية الحياة الإنسانية في عيون المنتسبين إلى القوات الدفاعية الإسرائيلية ستجد تعبيرا لها في كل ما يقومون به، في التخطيط المدروس والدقيق، في التدريب الآمن والذكي، وفي التطبيق الصحيح للمهمات. وعند تقويم الخطر الذي يتعرض له الفرد والآخرون، عليهم استخدام المعايير المناسبة وممارسة الحذر المستمر للحدّ من الإصابات المميتة لتبقى ضمن الحد اللازم لاستكمال المهمة"38.
إن الذين عليهم احترام القواعد الأخلاقية لقوات الدفاع الإسرائيلية معظمهم من المجندين الملتحقين بالقوات المسلحة نتيجة التجنيد الإجباري، إذ إن قوات الدفاع الإسرائيلية هي قوة تجنيد إجباري. إن المجندين الذين هم في الخدمة والضباط والأدنى منهم رتبة، أي الفئات التي يمكن تواجدها أكثر من سواها عند نقاط الاحتكاك هم من الشبان وغالباً ما يكونون من المراهقين. فلم يسبق لأي عنصر من عناصر قوات الدفاع الإسرائيلية المتواجدة في هذه المناطق المحتلة أن شهد مواجهات إسرائيلية فلسطينية سابقا، باستثناء بعض العناصر الأرفع رتبة وجنود الاحتياط المتواجدين عند نقاط الاحتكاك. إننا نعتقد أن من الضروري، لا سيما في سياق إعادة بناء الثقة، أن يتم تقليص المواجهات الدامية، وأن تنشر قوات الدفاع الإسرائيلية جنوداً أعلى مرتبة وأكثر تمرساً في هذه المناطق الحساسة.
حصلت حوادث استعملت فيها جنود قوات الدفاع الإسرائيلية القوة المميتة مع ما يتضمن ذلك من استخدام للذخيرة الحية، وإطلاق رصاص مطاطي معدل ذي قلب معدني، ضد متظاهرين عزّل يرشقون الحجارة39. يجب أن تتبنى قوات الدفاع الإسرائيلية أساليب تكتيكية للسيطرة على الحشود من شأنها أن تقلص فرص القتل أو الإصابة بجروح، وتعمد كذلك إلى سحب الرصاص المطاطي ذي القلب المعدني من الاستعمال، واستبداله بعصي مطاطية بدون قلب معدني.
إننا قلقون جداً من التأثير على السلامة العامة بسبب تبادل إطلاق النيران في المناطق المأهولة، خاصة بين المستوطنات الفلسطينية والقرى الفلسطينية المجاورة. لقد أطلق مقاتلون فلسطينيون النار من أسلحة خفيفة على مستوطنات إسرائيلية ومواقع لقوات الدفاع الإسرائيلية المجاورة، من داخل مساكن في المناطق الفلسطينية أو من أماكن محاذية لها، معرضين للخطر بالتالي مدنيين إسرائيليين وفلسطينيين على حد سواء.
إننا ندين تمركز مطلقي النيران داخل المساكن أو قربها. غالبا ما ترد قوات الدفاع الإسرائيلية على إطلاق نار كهذا بأسلحة من عيار ثقيل ما يؤدي أحياناً إلى وفيات وإصابات وسط الفلسطينيين الأبرياء. قال لنا أحد ضباط قوات الدفاع الإسرائيلية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، بتاريخ 23 آذار (مارس) 2001: "عندما يحصل إطلاق نار من مبنى نردّ عليه، وأحيانا يكون في المبنى أشخاص أبرياء". من الطبيعي أن يسقط أبرياء أو أن يصابوا بجروح في تبادل إطلاق نار من هذا النوع. إننا نحث على وقف استفزازات من هذا النوع، ونحث قوات الدفاع الإسرائيلية على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس عندما ترد، حين ترد. إن استعمال القوة بشكل غير ملائم والإفراط في استعمال القوة غالباً ما يؤديا إلى التصعيد.
نحن مدركون لحساسيات قوات الدفاع الإسرائيلية تجاه هذه المواضيع. ولقد طُرح علينا أكثر من مرة السؤال التالي: "ما قواعد الاشتباك لدى الفلسطينيين"؟ ماذا عن قواعد أخلاقية فلسطينية تطبقها العناصر العسكرية الفلسطينية؟" هذه كلها أسئلة وجيهة.
في الجهة الفلسطينية يسود غموض مربك في مجالات المسؤولية والمحاسبة الأساسية. إن عدم ممارسة السلطة الفلسطينية الرقابة على عناصر الأمن وعلى العناصر المسلحة المرتبطة بقيادة السلطة الفلسطينية مسألة مزعجة للغاية. وإننا نحض السلطة الفلسطينية على اتخاذ التدابير اللازمة لقيام تسلسل واضح لا لبس فيه للقيادة المشرفة على العناصر المسلّحة التي تعمل في إمرتها. إننا نوصي بأن ترسي السلطة الفلسطينية معايير فعالة للسلوك والمحاسبة وأن تعززها، وذلك ضمن القوات النظامية وقوات الشرطة وضمن القيادة المدنية السياسية التي تنتمي إليها.
التحريض: لقد عبّر الطرفان في ما قدماه من معلومات ومذكرات إلى اللجنة عن همومهما إزاء خطاب الكراهية والصور الحاقدة التي تصدر عن الفريق الآخر، وذكرا أمثلة متعددة حول خطاب عدائي وطائفي وإثني في وسائل الإعلام الفلسطينية والإسرائيلية، وفي المناهج الدراسية وفي تصريحات القادة الروحيين والسياسيين وسواهم.
إننا ندعو الطرفين إلى تجديد التزاماتهما الرسمية بهدف تعزيز التفاهم وقبول الواحد للآخر والامتناع عن التحريض والحملات الإعلامية العدائية. إننا ندين لغة الحقد والتحريض بكل أشكالها، ونقترح أن يكون الطرفان حذرين جداً في مجال استخدام تعبيرات بطريقة توحي بوجود مسؤولية جماعية.
التأثير الاقتصادي والاجتماعي للعنف: لقد فرضت إسرائيل قيوداً إضافية على حركة الناس والبضائع في الضفة الغربية وقطاع غزة. ويتخذ هذا التضييق ثلاثة أشكال: الأول يمنع التنقل بين المناطق الفلسطينية وإسرائيل، والثاني (يشمل منع التجول) يمنع التنقل داخل المناطق الفلسطينية؛ و(الثالث) يمنع الانتقال من المناطق الفلسطينية إلى بلدان أجنبية. وقد أدّت هذه الإجراءات إلى إرباك عيش مئات الآلاف من الفلسطينيين وأدت إلى رفع نسبة البطالة لدى الفلسطينيين إلى ما يقارب أل 40 في المائة. ويعود ذلك، في جزء منه، إلى منع حوالي 140000 فلسطيني من العمل في إسرائيل. وأدت تلك الإجراءات كذلك إلى القضاء على ما يقارب ثلث إجمالي الناتج المحلي الفلسطيني الداخلي. فضلاً عن ذلك علّقت إسرائيل تحويل عائدات الضرائب والجمارك التي تعود إلى السلطة الفلسطينية مما أدى إلى أزمة مالية خطيرة لدى السلطة الفلسطينية.
شكّل إتلاف قوات الأمن الإسرائيلية والمستوطنين الإسرائيليين لعشرات آلاف الأشجار من الزيتون وسواها من أشجار الفاكهة ومن الأراضي الزراعية مصدر قلق كبير للسلطة الفلسطينية. ولهذه الحالات من إقفال المعابر نتائج سيئة أخرى، مثل منع المدنيين من الوصول إلى العلاج الطبي العاجل ومنع الطلاب من الحضور إلى مدارسهم.
تصرّ حكومة إسرائيل على أن هذه التدابير اتخذت بهدف حماية المدنيين الإسرائيليين من الإرهاب. ويصف الفلسطينيون هذه التدابير بـ "العقاب الجماعي" في حين تنفي حكومة إسرائيل هذا الزعم: "لم تتخذ إسرائيل تدابير ذات تأثير اقتصادي لمجرد اتخاذ هذه التدابير أو لرغبة في إيذاء الاقتصاد الفلسطيني. لقد اتخذت هذه التدابير لأسباب أمنية. بالتالي، يرمي تدبير إغلاق الأراضي الفلسطينية مثلاً إلى درء أخطار الهجمات الإرهابية أو على الأقل إلى تخفيفها.. لم تقم القيادة الفلسطينية بأي محاولة لضبط هذا النشاط ووضع حدّ له"40.
فضلاً عن ذلك، تشير حكومة إسرائيل إلى أن العنف الدائر، في الربع الأخير من العام 2000، كلف الاقتصاد الإسرائيلي 102 مليار دولار في حين تستمر الخسارة بنسبة حوالي 150 مليون دولار شهريا41.
إننا نقر بمخاوف إسرائيل الأمنية، إلاّ أننا نعتقد بأن على حكومة إسرائيل رفع الحصار، أو الإغلاق، وتحويل كل المداخيل التي تعود للسلطة الفلسطينية والسماح للفلسطينيين الذين كانوا يعملون في إسرائيل بالعودة إلى عملهم. إن سياسة الإغلاق تتلاعب بها أيدي المتطرفين الساعين إلى توسيع دائرة مؤيديهم، وبالتالي فإنها باتت تساهم في التصعيد. وعلى السلطة الفلسطينية أن تستأنف التعاون مع وكالات الأمن الإسرائيلية بغية التأكد من أن العمال الفلسطينيين داخل إسرائيل خضعوا لتدقيق في أوضاعهم وأن لا علاقة لهم بالإرهابيين أو بالمنظمات الإرهابية.
لقد كانت مساعدات التنمية الدولية منذ البدء جزءاً أساسياً من عملية السلام، مستهدفة تعزيز المقومات الاجتماعية الاقتصادية للسلام. هذه المساعدة هي اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى. إننا نحثّ الأسرة العالمية على دعم بقاء أجندة التنمية جزءاً من عملية السلام.
الأماكن المقدسة: من المؤسف للغاية أن تتحوّل أماكن مثل الحرم الشريف/ جبل الهيكل في القدس، وقبر يوسف في نابلس، وقبر راحيل (مسجد بلال) في بيت لحم إلى مسارح للعنف والموت والأذية. هذه أماكن سلام وصلاة وتأمل يجب أن تكون مفتوحة لكل المؤمنين.
الأماكن التي يعتقد المسلمون واليهود والمسيحيون أنها مقدسة تستحق الاحترام، والحماية، والمحافظة عليها. يجب دعم الاتفاقات التي تم التوصل إليها سابقاً من قبل الفرقاء فيما يتعلق بالأماكن المقدسة. ويجب أن تطلق حكومة إسرائيل والسلطة الفلسطينية مبادرة مشتركة لنزع فتيل العامل الطائفي لخلافهما السياسي عبر المحافظة على هذه الأماكن وحمايتها. ويجب تشجيع حوار الأديان.
القوة الدولية: من بين المواضيع التي أثارت أكبر قدر من الجدل في التحقيق مسألة نشر قوة دولية في الأراضي الفلسطينية. السلطة الفلسطينية تدعم بشدة انتشار هذه القوة لحماية المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم من جيش الدفاع الإسرائيلي ومن المستوطنين. وحكومة إسرائيل تعارض بشدة انتشار "قوة حماية دولية" باعتبار أنها لن تستجيب للمخاوف الأمنية الإسرائيلية وسوف تتدخل في المفاوضات الثنائية لحل النزاع.
إننا نعتقد بأن مثل هذه القوة تحتاج إلى دعم الطرفين لكي تكون فعالة. ونشير إلى أن القوى الدولية المنتشرة في هذه المنطقة لا تستطيع إتمام مهامها وتحقيق مساهمة إيجابية إلا عندما تنشر برضى كل أطراف النزاع.
خلال زيارتنا إلى الخليل تحدث إلينا عاملون في فريق "الوجود الدولي المؤقت في الخليل،" وهو وجود وافق عليه كلا الطرفين. يتولى الوجود الدولي المؤقت في الخليل مهمة مراقبة وضع متفجر وإعداد تقارير بما يلاحظه. إذا وافق الطرفان، كخطوة لبناء الثقة، على الاستفادة من أعضاء "طاقم الوجود الدولي المؤقت في الخليل" لمساعدتهما في إدارة نقاط الاحتكاك الأخرى، نأمل أن يتمكن فريق "الوجود الدولي المؤقت في الخليل" من تلبية هذا الطلب.
مبادرات ما بين المجتمعين: وصف لنا كثيرون الفقدان شبه التام للثقة. لذا، كان من المهم العثور على جماعات (مثل "دائرة الوالدين"، و"مؤسسة التعاون الاقتصادي") تكرّس نفسها للتفاهم بين المجتمعين على الرغم من كل ما حصل. إننا نشجع تلك الجماعات ونشجّع عملها المهم.
من المؤسف أن غالبية الأعمال التي ترتدي هذا الطابع توقفت خلال النزاع الحالي. ويجب على حكومة إسرائيل والسلطة الفلسطينية المشاركة في عملية بناء الثقة عبر مبادرات تجمع بين الطرفين. من المهم أن تدعم السلطة الفلسطينية وحكومة إسرائيل المنظمات والمبادرات المشتركة بين المجتمعين، بما فيها تأمين المؤن للقرى الفلسطينية عن طريق مساعدة إنسانية تقدمها منظمات إسرائيلية غير حكومية. لذلك، إن منح إجازات السفر أمر ضروري للغاية. ويجب تشجيع التعاون بين المنظمات الإنسانية والدوائر العسكرية والأمنية بين الطرفين كما يجب وضعها ضمن إطار مؤسساتي.
إن من شأن برامج كهذه أن تساهم ولو ببطء في إيجاد مناصرين للسلم بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ومن شأنها كذلك أن تؤمن شبكات أمان خلال الاضطرابات. إن المنظمات المشاركة في هذا العمل ذات دور حيوي في ترجمة النوايا الطيبة إلى أعمال إيجابية.
استئناف المفاوضات:
لا يرغب الزعماء الإسرائيليون في أن يُنظر إليهم على أنهم "يكافئون العنف". ولا يرغب الزعماء الفلسطينيون في أن يُنظر إليهم على أنهم "يكافئون الاحتلال". إننا ندرك القيود السياسية المفروضة على الزعماء من الجانبين. ومع ذلك إذا كان المطلوب كسر دورة العنف، واستئناف السعي إلى تحقيق السلام، يجب أن تكون هناك علاقة ثنائية جديدة تشمل التعاون الأمني والمفاوضات.
لا نستطيع أن نرسم للطرفين ما هو السبيل الأفضل لمتابعة أهدافهما السياسية. لكن إقامة علاقة ثنائية جديدة بينهما ترمي إلى أن تُرسّخ أي اتفاقية لوقف أعمال العنف، ومن ثم تتعداها، تقتضي مخاطرة ذكية. يتطلب ذلك، في المقام الأول، أن يكون كل طرف راغباً في اعتبار الطرف الآخر شريكاً. وتتطلب الشراكة بدورها، عند هذا المنعطف، شيئاً أكثر مما تم الاتفاق عليه في إعلان المبادئ والاتفاقيات اللاحقة.
وبدلاً من إعلان "موت" عملية السلام، يجب أن يقرر الطرفان كيف سيكملان رحلتهما المشتركة على طريق "الخريطة" المتفق عليها، وهي الرحلة التي بدأت في مدريد واستمرت، رغم المشاكل، حتى الآونة الأخيرة.
إن تحديد نقطة انطلاق أمر يعود تقريره للطرفين. ولقد أعلن الطرفان أنهما لايزالان ملتزمين باتفاقاتهما وتعهداتهما المتبادلة. وقد حان الوقت لدرس إمكانيات تطبيق المزيد من تلك الاتفاقات والتعّهدات. يجب أن يُعلن الطرفان أنهما ينويان الاجتماع على هذا الأساس، بغية استئناف مفاوضات كاملة، وذات معنى، وفق روح تعهداتهما في قمتي شرم الشيخ في عام 1999 وعام 2000.
لن يكون باستطاعة أي من الطرفين تحقيق أهدافه الرئيسة من جانب واحد، أو دون مخاطرة سياسية. إننا نعرف كم يصعب على الزعماء أن يتصرفوا، خاصة إذا كان يمكن أن يصف معارضوهم السياسيون هذا التصرف بأنه تنازل، دون الحصول على شيء في المقابل. يجب على السلطة الفلسطينية، كما فعلت في مراحل حرجة سابقة، أن تقوم بخطوات لطمأنة إسرائيل في ما يخص الشؤون السياسية. ويجب على الحكومة الإسرائيلية -كما فعلت في مراحل حرجة سابقة- أن تقوم بخطوات لطمأنة السلطة الفلسطينية في ما يخص الشؤون السياسية. يجب أن يتجنب الإسرائيليون والفلسطينيون، في أعمالهم ومواقفهم، إعطاء المتطرفين والمجرمين العاديين والساعين للانتقام الكلمة الأخيرة في تحديد مستقبلهم المشترك. لن يكون ذلك أمراً سهلاً إذا استمر وقوع أحداث مميتة رغم التعاون الفعّال. ورغم الصعوبات الهائلة، فإن أساس الثقة المطلوبة لإعادة بناء شراكة قادرة على العمل يتكوّن من قيام كل من الجانبين بإعطاء الجانب الآخر مثل هذه التطمينات الاستراتيجية.
التوصيات:
يجب أن تعمل حكومة إسرائيل والسلطة الفلسطينية بسرعة وحزم على وقف أعمال العنف. بعد ذلك يجب أن تكون أهدافهما الفورية إعادة بناء الثقة واستئناف المفاوضات. إن ما نطلبه ليس بالأمر السهل. فالفلسطينيون والإسرائيليون، لا زعماؤهم فقط بل أبناء الشعبين بوجه عام، فقدوا الثقة ببعضهم البعض. نطلب من الزعماء السياسيين، من أجل شعبيهم، القيام بالعمل السياسي الصعب: أن يقودوا دون معرفة كم سيتبعهم من الناس.
كان هدفنا خلال هذه المهمة تنفيذ التكليف المتفق عليه في قمة شرم الشيخ. إننا نقدّر الدعم الذي قدّمه المشاركون في هذه القمة لعملنا ونطري الطرفين على تعاونهما. توصيتنا الرئيسة هي أن يُعيد الطرفان الالتزام بروح شرم الشيخ، وأن ينفذوا القرارات المتخذة هناك في عام 1999 وعام 2000. إننا نعتقد أن المشاركين في القمة سوف يؤيدون كل عمل جريء يقوم به الطرفان من أجل تحقيق هذه الأهداف.
وضع حد للعنف:
على حكومة إسرائيل والسلطة الفلسطينية أن تُعيدا تأكيد التزاماتهما بالاتفاقات والتعهدات القائمة، وأن تطبقا على الفور وقفاً غير مشروط لأعمال العنف.
إن القصور عن بذل جهد كامل لوضع حد لأعمال العنف سوف يجعل هذا الجهد غير فاعل، ومن المحتمل أن يفسره الجانب الآخر بأنه برهان على نية عدائية.
يجب على حكومة إسرائيل والسلطة الفلسطينية أن تستأنفا فوراً التعاون الأمني بينهما.
إن التعاون الثنائي الفاعل الهادف إلى منع أعمال العنف سيشجع على استئناف المفاوضات. ويُقلقنا جداً أنه في غياب التعاون الأمني الشفاف والفاعل، ستستمر أعمال الإرهاب وغيرها من أعمال العنف، وقد يُنظر إليها على أنها مسموح بها رسمياً، بغض النظر عما إذا كان ذلك صحيحاً أم لا. يجب أن ينظر الطرفان في توسيع نطاق التعاون الأمني بينهما بحيث يعكس أولويات شعبيهما، وأن يسعيا لكسب قبول شعبيهما لهذه الجهود.
إننا نسلّم بموقف السلطة الفلسطينية القائل إن التعاون الأمني أمر بالغ الصعوبة سياسياً في غياب محتوى سياسي مناسب، أي، في غياب تخفيف الإجراءات الأمنية الإسرائيلية المتشددة واقتران ذلك بمفاوضات مثمرة مستمرة. ونسلّم أيضاً بخشية السلطة الفلسطينية من أنه لدى تحقيق التعاون الأمني قد لا تكون حكومة إسرائيل مستعدة لأن تعمل بصورة صريحة مباشرة في معالجة الاهتمامات السياسية الفلسطينية. نعتقد أن التعاون الأمني لا يمكن أن يستمر إذا تأجل إجراء مفاوضات ذات معنى بفترة غير معقولة، أو إذا اعتُبرت الإجراءات الأمنية "على الأرض" أنها عدائية، وإذا تم اتخاذ خطوات تُعتبر استفزازية أو مضرة بنتيجة المفاوضات.
إعادة بناء الثقة:
يجب أن تعمل السلطة الفلسطينية وحكومة إسرائيل سوية من أجل إيجاد "فترة تبريد" ذات معنى، واتخاذ مزيد من تدابير بناء الثقة التي تم اقتراح بعضها في بيان قمة شرم الشيخ عام 2000 والتي طرحت الولايات المتحدة بعضها في 7 كانون ثاني (يناير) 2001 خلال اجتماع القاهرة.
على السلطة الفلسطينية وحكومة إسرائيل استئناف جهودهما لكشف، وشجب التحريض بكافة أشكاله، والثني عنه.
على السلطة الفلسطينية أن توضح للفلسطينيين والإسرائيليين معاً بوسائل ملموسة أن الإرهاب أمر يستحق الشجب وغير مقبول، وأن السلطة الفلسطينية سوف تبذل جهداً بنسبة مائة في المائة للحؤول دون العمليات الإرهابية ولمعاقبة مرتكبيها. يجب أن يشمل هذا الجهد اتخاذ خطوات فورية لإلقاء القبض على، وسجن، الإرهابيين العاملين في المناطق الخاضعة لصلاحيات السلطة الفلسطينية.
يجب على حكومة إسرائيل أن تجمد كافة نشاطات الاستيطان، بما في ذلك "النمو الطبيعي" للمستوطنات القائمة.
لا يمكن لنوع التعاون الأمني الذي تريده حكومة إسرائيل أن يتعايش طويلاً مع النشاط الاستيطاني، الذي وصفه الاتحاد الأوروبي مؤخراً بأنه يسبب "قلقاً عظيماً"، والذي وصفته الولايات المتحدة الأمريكية بأنه استفزازي.
يجب على حكومة إسرائيل أن تدرس بعناية ما إذا كان عليها أن تعتبر المستوطنات، التي تشكل نقاط احتكاك، أدوات مقايضة في مفاوضات مستقبلية، أو أدوات استفزاز يمكن أن تحول دون بدء محادثات مثمرة.
قد ترغب حكومة إسرائيل في أن تُبيّن بوضوح للسلطة الفلسطينية أن السلام في المستقبل لن يُشكّل أي تهديد للترابط والامتداد الإقليمي لدولة فلسطينية تقام في الضفة الغربية وقطاع غزة.
على قوات الدفاع الإسرائيلية أن تدرس مسألة الانسحاب إلى المواقع التي كانت متواجدة فيها قبل 28 أيلول (سبتمبر) 2000، الأمر الذي يُقلل من عدد نقاط الاحتكاك واحتمالات حدوث مواجهات عنيفة.
يجب أن تضمن حكومة إسرائيل تبني قوات الدفاع الإسرائيلية، وتنفيذها، لسياسات وإجراءات تشجع الردود غير المميتة لدى مواجهة متظاهرين غير مسلحين، وذلك بغية التقليل إلى أدنى حد ممكن من الإصابات والاحتكاك بين الشعبين. وعلى قوات الدفاع الإسرائيلية أن:
تعود إلى القيام بتحقيقات تجريها الشرطة العسكرية في حالات قتل الفلسطينيين الناتجة عن عمليات قوات الدفاع الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية خلال حوادث لا علاقة لها بالإرهاب. يجب أن تتخلى قوات الدفاع الإسرائيلية عن وصفها للانتفاضة الحالية على أنها "نزاع مسلح لا يصل إلى حد الحرب" لأن هذا الوصف لا يميّز بين الإرهاب والاحتجاج.
تتبنى أساليب لضبط الجماهير تُقلل من احتمالات وقوع القتلى والجرحى، بما في ذلك سحب الرصاصات المطاطية ذات القلب المعدني من الاستعمال.
تضمن وجود مجندين مدرّبين وناضجين في الخدمة (العسكرية) في كافة الأوقات عند نقاط احتكاك معروفة.
تضمن أن القيم المعلنة، والإجراءات العملياتية المعمول بها، لقوات الدفاع الإسرائيلية، توجب على الجنود العناية بالفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة، كما بالإسرائيليين المقيمين هناك، وفقا للقواعد الأخلاقية التي تعتمدها قوات الدفاع الإسرائيلية.
يجب على حكومة إسرائيل أن ترفع إجراءات الإغلاق، وأن تحوّل إلى السلطة الفلسطينية كل الواردات الضريبية العائدة إليها، وأن تسمح للفلسطينيين الذين كانوا يعملون في إسرائيل بالعودة إلى أعمالهم. كما يجب عليها أن تضمن امتناع قوى الأمن والمستوطنين من تدمير المنازل والطرق وإتلاف الأشجار، وغير ذلك من الممتلكات الزراعية الموجودة في المناطق الفلسطينية. ونأخذ علماً بموقف حكومة إسرائيل بأن أعمالاً من هذا النوع قد نُفّذت لأسباب أمنية. رغم هذا، فإن آثارها الاقتصادية ستستمر لسنوات عديدة.
يجب أن تُجدد السلطة الفلسطينية التعاون مع دوائر الأمن الإسرائيلية بحيث تضمن إلى أقصى حد ممكن التدقيق الكامل بهويات العمال الفلسطينيين العاملين داخل إسرائيل، وعدم ارتباطهم بمنظمات وأفراد ضالعين في الإرهاب.
يجب أن تمنع السلطة الفلسطينية المسلحين من استعمال مناطق فلسطينية مأهولة لإطلاق النار على مناطق إسرائيلية مأهولة وعلى قوات الدفاع الإسرائيلية. إن هذا الأسلوب يعرّض المدنيين من الجانبين لخطر لا لزوم له.
يجب أن تتبنى وتنفذ حكومة إسرائيل وقوات الدفاع الإسرائيلية سياسات وإجراءات تهدف إلى ضمان أن يقلل الرد على أي مصدر إطلاق نار من المناطق الفلسطينية المأهولة الخطر على حياة وأملاك المدنيين الفلسطينيين إلى أدنى حد، مع الأخذ بعين الاعتبار احتمال أن يكون هدف مطلقي النار إحداث ردود فعل مفرطة من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي.
يجب أن تتخذ حكومة إسرائيل كافة الخطوات الضرورية لمنع ارتكاب أعمال عنف من قبل المستوطنين.
يجب أن يلتزم الطرفان أحكام اتفاقية "واي ريفر" التي تمنع استعمال أسلحة غير شرعية.
يجب أن تتخذ السلطة الفلسطينية كافة الخطوات الضرورية لإنشاء تسلسل قيادي واضح ولا اعتراض عليه للقوات المسلحة العاملة تحت سلطتها.
يجب أن تُرسي السلطة الفلسطينية وتطبق مقاييس فعالة للسلوك والمحاسبة داخل صفوف قواتها المسلحة وبين رجال الشرطة والقيادات السياسية المدنية التابعة لها.
يجب على السلطة الفلسطينية، كما على حكومة إسرائيل، النظر في أن تتعهدا سوية بالمحافظة على وحماية الأماكن المقدسة للمسلمين واليهود المسيحيين. إن مبادرة من هذا النوع يمكن أن تساعد في عكس مسار اتجاه مُقلق، هو: الاستخدام المتزايد للأفكار الدينية لتشجيع وتبرير أعمال العنف.
يجب على حكومة إسرائيل، كما على السلطة الفلسطينية، أن تؤيد وتدعم عمل المنظمات الفلسطينية والإسرائيلية غير الحكومية المهتمة بتنفيذ مبادرات تطال كل الجاليات للربط بين الشعبين. من المهم أن تحصل هذه النشاطات، ومنها تأمين المساعدة الإنسانية إلى القرى الفلسطينية من قبل مؤسسات إسرائيلية غير حكومية، على الدعم الكامل من الطرفين.
استئناف المفاوضات:
نُكرر اعتقادنا بأن جهداً بنسبة مائة بالمائة لوقف أعمال العنف، والاستئناف الفوري للتعاون الأمني، وتبادل تدابير بناء الثقة، هي أمور مهمة لاستئناف المفاوضات. مع ذلك، لا يمكن استمرار أي خطوة من هذه الخطوات لفترة طويلة إذا لم تتم العودة إلى المفاوضات.
ليس من ضمن مهماتنا تحديد مكان، أو أساس، أو جدول أعمال المفاوضات. ولكن، من أجل توفير إطار سياسي فعّال للتعاون العملي بين الطرفين، يجب عدم تأجيل المفاوضات لمدة غير معقولة؛ وحسب رأينا، يجب أن تعبر هذه المفاوضات عن روح التسوية، والمصالحة، والشراكة، رغم أحداث الأشهر السبعة الماضية.
استنادا إلى روح اتفاقات وتفاهمات قمتي شرم الشيخ في عام 1999 وعام 2000، نوصي باجتماع الطرفين لإعادة التأكيد على التزامهما الاتفاقات الموقعة والتفاهمات المتبادلة، واتخاذ الإجراءات المترتبة على ذلك. يجب أن يكون هذا أساس استئناف مفاوضات كاملة وذات معنى.
إن الطرفين على مفترق طرق. إذا لم يعودا إلى طاولة المفاوضات فإنهما سيواجهان احتمال الاستمرار في القتال لسنوات عديدة، مع اضطرار العديد من أفراد شعبيهما إلى مغادرة البلاد للعيش في ديار بعيدة لتربية أولادهم. نضرع إلى الله أن يختار الطرفان الخيار الصحيح. وهذا يعني وقف أعمال العنف الآن. على الإسرائيليين والفلسطينيين أن يعيشوا ويعملوا ويزدهروا سوية. لقد قدر التاريخ والجغرافيا لهم أن يكونوا جيراناً. هذا الواقع لا يمكن تغييره. وعندما تسترشد أعمالهم بهذا الإدراك فقط، سوف يتمكنون من تطوير رؤيتهم وتحقيقها بالنسبة للسلام والازدهار المشترك.
سليمان ديميريل، الرئيس التاسع للجمهورية التركية
توربيورن جاكلاند، وزير خارجية النرويج
جورج جيه. ميتشل، عضو سابق ورئيس الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي
وارن بي. رادمان، عضو سابق في مجلس الشيوخ الأميركي
خافيير سولانا، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية المشتركة في الاتحاد الأوروبي.
3. عندما أخبره عن الزيارة المعتزمة، قال السفير دنيس روس (المبعوث الخاص للشرق الأوسط في عهد الرئيس كلينتون) إنه قال لوزير خارجية إسرائيل شلومو بن عامي: "يمكنني التفكير بالكثير من الأفكار السيئة، ولكني لا أستطيع التفكير بواحدة أسوأ من هذه." راجع مقالة جين بيرليز "مبعوث الولايات المتحدة يتذكر اليوم الذي لم يكن بالإمكان فيه إقفال صندوق باندورا" والمنشورة في صحيفة "نيويورك تايمز" بتاريخ 29 يناير 2001.
6. وقعت اضطرابات أيضاً شارك فيها عرب إسرائيل نتج عنها مقتل 13 شخصاً. لا تدخل هذه الأحداث ضمن مهمة هذه اللجنة وهي الآن موضوع تحقيق رسمي من قبل حكومة إسرائيل.
8. نفس المصدر، الفقرة 110. استنادا إلى حكومة إسرائيل أعلن وزير البريد والاتصالات اللاسلكية الفلسطيني في مهرجان أقيم في لبنان في آذار (مارس) 2001 أن المواجهة مع إسرائيل خططت أثر مؤتمر قمة كامب دافيد. راجع البيان الثاني لحكومة إسرائيل، 20 آذار (مارس) 2001( سوف يشار إليه فيما بعد باسم" حكومة إسرائيل، البيان الثاني") الفقرة 2.
خُطط لها، وأن تصريحه في لبنان قد أسيء اقتباسه وأخرج من سياقه. أخبرنا ضابط استخبارات في قوات الدفاع الإسرائيلية أنه في حين أن التصريح بحد ذاته ليس مؤكداً بشكل نهائي، فإنه يمثل نصاً "من مصدر عام" لما كان يعرفه جيش الدفاع الإسرائيلي من "وسائل أخرى"، ولم يطلع جيش الدفاع الإسرائيلي اللجنة على هذه المعرفة ووسائلها.
9. منظمة التحرير الفلسطينية، التقرير الأول الذي قدمته منظمة التحرير الفلسطينية إلى لجنة التحقيق الدولية، 8 ديسمبر 2000، الصفحة.
10. ملاحظة: إن المعلومات التي قدمت إلى اللجنة عن الجانب الفلسطيني قدمتها منظمة التحرير الفلسطينية.
منظمة التحرير الفلسطينية، أزمة ثقة: التقرير الثاني الذي قدمته منظمة التحرير الفلسطينية المقدم إلى لجنة شرم الشيخ لتقصي الحقائق، 30 كانون أول (ديسمبر) 2000 ( سوف يشار إلى هذه المستندات فيما بعد باسم "منظمة التحرير الفلسطينية، التقرير الثاني")، صفحة 16.
12. منظمة التحرير الفلسطينية، التقرير الثالث لمنظمة التحرير الفلسطينية المقدم إلى لجنة شرم الشيخ لتقصي الحقائق، 3 نيسان (أبريل) 2001 ( سوف يُشار إلى هذا التقرير فيما بعد باسم" منظمة التحرير الفلسطينية، التقرير الثالث") صفحة 51.
24. شهادة أمام لجنة تخصيص الاعتمادات في مجلس النواب الأمريكي، الكونغرس 102، 22 أيار (مايو)، 1991.
25. * في 21 آذار (مارس) 1980، قال وزير الخارجية سايرس فانس متحدثاً نيابة عن إدارة الرئيس (جيمي) كارتر ما يلي: "إن سياسة الولايات المتحدة في ما خص إقامة المستوطنات الإسرائيلية في المناطق المحتلة لا لبس فيها وهي منذ فترة طويلة معلن عنها رسمياً. إننا نعتبر أن إقامة هذه المستوطنات يعتبر أمراً مخالفاً للقانون الدولي وعائقاً أمام إنجاز عملية السلام في الشرق الأوسط بنجاح".
* في الأول من أيلول (سبتمبر) 1982، أعلن الرئيس رونالد ريغان ما عُرف فيما بعد بخطة ريغان للسلام في الشرق الأوسط مؤكداً "إن التبني الفوري لوقف بناء المستوطنات من قبل إسرائيل، أكثر من أي عمل آخر، يمكن أن يوجد الثقة الضرورية لمشاركة أوسع في هذه المحادثات. إن المزيد من النشاط الاستيطاني ليس ضرورياً أبداً لضمان سلامة إسرائيل، ولا يؤدي إلاّ إلى التقليل من ثقة العرب بإمكانية التفاوض بحرية وعدالة للوصول إلى نتيجة نهائية."
* في 16 كانون أول (ديسمبر) 1996، أعلن الرئيس بيل كلينتون في مؤتمر صحفي: "إنه لمن المنطقي اعتبار أن أي شيء يستبق نتيجة (المفاوضات) لا يمكن أن يساعد في صنع السلام. لا أعتقد أنه يجوز القيام بأي شيء يمكن اعتباره أنه يستبق النتيجة." وعندما سئل عما إذا كان يعتبر المستوطنات عائقاً أمام تحقيق السلام أجاب الرئيس كلينتون "بالطبع، بالطبع".
* في 5 نيسان (أبريل) 2001، صرّح متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيابة عن الإدارة الحالية: "إن استمرار النشاط الاستيطاني يكتنفه خطر اشتعال وضع هو حالياً غير مستقر في المنطقة" ووصف هذا النشاط بأنه "استفزازي".
31. مركز بيت سيلم: "أوهام ضبط النفس: انتهاكات حقوق الإنسان خلال الأحداث في المناطق المحتلة، بين 29 أيلول (سبتمبر)، و2 كانون أول (ديسمبر) 2000، صفحة 4.
32. حكومة إسرائيل، البيان الأول، الفقرة 306: "إن السياسة المعلنة لقوات الدفاع الإسرائيلية هي إنه لدى مقتل فلسطيني في المناطق المحتلة على يد جندي إسرائيلي، يجب إجراء تحقيق من قبل دائرة التحقيقات في الشرطة العسكرية (MPI) ما عدا الحالات الموصوفة بأنها "نشاط إرهابي معادٍ". راجع مركز بيت سيلم: "أوهام ضبط النفس"، صفحة 24. راجع أيضاً مقالة ألكس فيشمان: "الانتفاضة وتحقيقات جيش الدفاع الإسرائيلي" المنشورة في صحيفة يديعوت أحرونوت ( باللغة الإنجليزية، مطبعة ريتشارد بيل، 1996 المحدودة، 19 كانون ثاني (يناير) 2001.
33. حكومة إسرائيل، البيان الثاني، الفقرات 69 - 80.
34. منظمة التحرير الفلسطينية، التقرير الثالث، صفحة 69.