تقوم إسرائيل حالياً ببناء شبكتي مواصلات منفصلة في الضفة الغربية المحتلة: واحدة للفلسطينيين والأخرى للمستوطنين الإسرائيليين. تُشير "خطة الطرق والأنفاق الإسرائيلية" إلى سلسلة مؤلفة من 24 نفقاً و56 طريقاً للفلسطينيين. وتقوم إسرائيل في ذات الوقت ببناء شبكة طرق سريعة منفصلة لربط المستوطنات على جانبي الجدار ببعضها البعض و بإسرائيل.
تعمل شبكتي المواصلات معاً على تسهيل التوسّع الاستيطاني في كافة أنحاء الضفة الغربية المحتلة بينما تقيّد أي تطوّر فلسطيني مستقبلي.
ستؤدي الطرق والأنفاق الجديدة التي تم تدشينها في أيلول 2004 إلى فصل دائم بين الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين. تمنح إسرائيل حالياً للمستوطنين حرية الحركة داخل الضفة الغربية المحتلة بحرمان السكان الأصليين الفلسطينيين من حرية الحركة. هذا هو ما يُعرف باسم "نظام الإغلاق" المؤلف من مجموعة من نقاط التفتيش العسكرية، والطرق الخالية من الفلسطينين أو التي يوجد قيود على استخدامها، والعوائق التي تُحبط السفر والتجارة بين المناطق الفلسطينية.
إن نظام الإغلاق وفقاً لما يقوله البنك الدولي والأمم المتحدة مسؤول بدرجة كبيرة عن الأزمة الإنسانية في الضفة الغربية المحتلة. لا يستطيع الفلسطينيون الآن التنقّل بحرية بين المدن والقرى الفلسطينية ممّا يمنع الوصول إلى المدارس، والأعمال، والكنائس، والمساجد، وأماكن الرعاية الصحية. أُجبر خلال السنوات الأربع الماضية 60.6% من الفلسطينيين على العيش في حالة من الفقر نتيجة لفرض نظام الإغلاق ليعيشوا على 2.30 دولار أو أقل في اليوم.
جزء من نظام الإغلاق هو نظام "تنزيل وتحميل البضائع" الذي يفرض تنزيل البضائع ثم تحميلها في شاحنة جديدة على الجانب الآخر من الحاجز أو الساتر الترابي الذي أقامه الجيش الإسرائيلي. يتم ذلك أيضا عندما يتم نقل البضائع بين بعض القرى الفلسطينية. ولأن نظام تنزيل وتحميل البضائع يمكن أن يزيد تكلفة النقل على التجار الفلسطينيين بنسبة تصل إلى 100-200%، فان البضائع القادمة من المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية ومن إسرائيل – والتي لا تخضع لنظام تنزيل وتحميل البضائع – تحظى بميزة تنافسية غير عادلة.
تُمثّل خطة الطرق والأنفاق الرد الإسرائيلي على الضغط الذي يمارسه عليها المجتمع الدولي للسماح للفلسطينيين بالسفر والتبادل التجاري الحر داخل الأراضي الفلسطينية. لكن يوجد حالياً لدى الفلسطينيين شبكة طرق كافية تُقيّد إسرائيل استخدامهم لها: ليست المشكلة عدم وجود البنية التحتية وإنما هي فرض نظام الإغلاق الذي يقيّد وصول الفلسطينيين إلى طرقهم الخاصة وأراضيهم ومدنهم.
2. ما هو هدف خطة الطرق والأنفاق الإسرائيلية؟
إن خطة الطرق التي وضعها الجيش الإسرائيلي تهدف إلى:
تدعيم المستوطنات الإسرائيلية في كافة أنحاء الضفة الغربية؛
الاستيلاء على المزيد من الأراضي والموارد الفلسطينية للتوسّع الاستيطاني على جانبي الجدار؛
عزل باقي الفلسطينيين في مراكز سكانية فلسطينية لا تربطها إلاّ طرق ملتوية.
وفقاً للخطة الإسرائيلية سوف لن تختلط حركة السير في الضفة الغربية في المستقبل. حيث سيحظى المستوطنون الإسرائيليون بمشروع مواصلات في الضفة الغربية "خالٍ من الفلسطينيين" وسيواصلون استخدام الطرق السريعة والمباشرة التي تربط مستوطنات الضفة الغربية بإسرائيل وببعضها البعض.
من ناحية أخرى، سوف يُجبر الفلسطينيون على استخدام طرق بديلة تكون عادة غير مباشرة ستعمل على تحويل حركة السير الفلسطينية بعيداً عن المستوطنات الإسرائيلية والطرق الالتفافية الاستيطانية المقيدة. وسيتم تحويل الفلسطينيين في بعض الحالات إلى طرق جبلية تزيد المسافة ووقت السفر بصورة كبيرة. كما تعمل الطرق المقترحة على خنق التطور الاجتماعي-الاقتصادي الفلسطيني: حيث ستكون الطرق على الأغلب ذات مسار واحد ولن يتم تجهيزها لاحتواء حركة السير المكثّفة وخصوصاً الشاحنات التي تحمل الأحمال الثقيلة.
فعلى سبيل المثال، كانت المسافة التي يقطعها الفلسطينيون بين طولكرم ونابلس على الطريق المعتادة هي 27 كيلومتر بمعدل زمني للسفر هو 40 دقيقة. ولكن ستزيد المسافة على الطريق المقترحة إلى 40 كيلومتر يتم قطعها خلال 73 دقيقة من السفر عبر طرق هضاب صعبة. ومن شأن هذه المسافات الطويلة ووقت السفر الأطول العمل على تخفيض القدرة التنافسية للمنتجات الفلسطينية بزيادة تكلفة البضائع والخدمات الفلسطينية.
3. ما هو عدد الطرق والأنفاق الواردة في الخطة؟
هنالك رسمياً 24 نفقا و56 طريقا مُدرجة في خطة الطرق والأنفاق.
4. لكن ألا يوجد الآن طرق في الضفة الغربية؟
نعم توجد هنالك شبكة طرق كافية. لكن الفلسطينيين يمنعون من استخدام الكثير من الطرق إذا لم يكن بحوزتهم تصاريح. ويتم توفير هذه الطرق عوضاً عن ذلك لتحقيق تواصل إسرائيلي مع المستوطنات غير القانونية. ليس الفلسطينيون بحاجة إلى شبكة جديدة من الطرق. بل إنهم يحتاجون فقط لأن يكونوا قادرين على استخدام الطرق التي لديهم بحرية وهو حق يكفله لهم القانون الدولي.
لقراءة تحليل مفصّل عن نظام الإغلاق الذي تفرضه إسرائيل – نظام الطرق المقيدة والمحظورة، ونقاط التفتيش العسكرية، والحواجز على الطرقات – نرجو مراجعة تقرير بتسيلم بعنوان الطرق المحظورة في الموقع هنا.
5. هل تكشف خطة الطرق والأنفاق الإسرائيلية أي شيء عن خطة "الانفصال" الإسرائيلية؟
نعم. تثبت خطة الطرق والأنفاق أن خطة "الانفصال" خطط لها للاستيلاء على المزيد من الأراضي والموارد في القدس الشرقية وباقي الضفة الغربية وليست خطة "تتخلى" بموجبها اسرائيل عن قطاع غزة.
وفقاً لخطة "الانفصال" عن غزة، وعدت إسرائيل بإخلاء نحو 8000 مستوطن من قطاع غزة و500 مستوطن من أربع مستوطنات غير قانونية في شمال الضفة الغربية. في ذات الوقت، تُسهّل خطة الطرق والأنفاق توسّع المستوطنات الباقية في الضفة الغربية: وسوف يضمن هذا المزيد من حرية الوصول والدمج للمستوطنين مما يعني توفير حوافز أكثر للمستوطنين المحتملين للالتحاق بـ 430.000 مستوطن الذين يعيشون في كافة أنحاء الضفة الغربية المحتلة. تُبيّن هذه الأرقام العلاقة المحدودة جداً للضفة الغربية بما ذكر عن الإنفصال عن غزة.
6. ما هو رد فعل السلطة الفلسطينية على خطة الطرق والأنفاق الإسرائيلية؟
بعد إجراء تحليل لخطة الطرق والأنفاق في أيلول 2004، وجدت السلطة الفلسطينية أن الخطة بمجملها ستقوّي المستوطنات الإسرائيلية، وستستبدل تواصل الأرض الفلسطينية (كما ذكر في خارطة الطريق) بتواصل مواصلاتي ، وستسهّل التواجد المتواصل للجدار الذي تشيّده إسرائيل والنظام المرتبط به عن طريق تحويل حركة السير الفلسطينية بعيداً عن المناطق الواقعة "غرب" الجدار-ما يُسمّى "بالمناطق المغلقة".
كما وجدت السلطة الفلسطينية أن مشاريع الطرق ليست كلّها مُضرّة بالمصالح الوطنية الفلسطينية والحل المبني على قيام دولتين. ولأن الجيش الإسرائيلي هدم البنية التحتية الفلسطينية أثناء الانتفاضة الثانية، احتاجت الكثير من الطرق الموجودة إلى إعادة تأهيل لكي يستطيع الفلسطينيون الوصول إلى مدارسهم وحقولهم، وممارسة العمل التجاري، والذهاب إلى المسجد أو الكنيسة.
وبناءاً عليه، رفضت الحكومة الفلسطينية في تشرين أول 2004 الخطة بمجملها ووضعت اللجنة الوزارية طريقة لدراسة الطرق لتقرير مدى دعمها لنظام الجدار أو نظام الطرق المنفصل، وإذا كانت متوافقة مع الحاجات والتخطيط الفلسطيني، بما في ذلك الخطط الموجودة لرفع مستوى شبكة الطرق الفلسطينية. وقدّمت السلطة الفلسطينية توصيات إلى المانحين الدوليين-الذين طلبت منهم إسرائيل تمويل الخطة-بشأن تمويل مشاريع أو عدم تمويل أخرى.
7. ماذا كان رد المجتمع الدولي على خطة الطرق والأنفاق الإسرائيلية؟
عندما تمّت مقارنة خرائط الجدار والمستوطنات بخطة الطرق والأنفاق، بدا واضحاً أن الخطة تدعم الجدار والوجود المتواصل للمستوطنات وهو ما يُعيق تطبيق الحل المبني على قيام دولتين.
استنتجت محكمة العدل الدولية في 9 تموز 2004 أن تشييد الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك داخل وحول القدس الشرقية، والنظام المرتبط به، مخالف للقانون الدولي. وفي التوصّل إلى هذا الاستنتاج، وجدت المحكمة أيضاً أن إقامة إسرائيل للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني. في ضوء هذه الاستنتاجات، رأت أن على الدول واجب عدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الناتج عن تشييد الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة وعدم تقديم المساعدة في الحفاظ على الوضع الذي أوجده بناء الجدار. هنالك أيضاً واجب على الدول التي تحترم ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي بأن تُزيل أي عائق أمام ممارسة تقرير المصير ينتج عن بناء الجدار.
وخوفاً من انتهاكها لواجباتها التي عبّرت عنها محكمة العدل الدولية واستجابة لمعارضة السلطة الفلسطينية للخطة، رفضت معظم الحكومات المانحة طلب إسرائيل بتمويل الخطة.
8. هل تواصل إسرائيل تطبيق الخطة رغم رفض المجتمع الدولي والسلطة الفلسطينية لها؟
نعم. من ضمن 24 نفقا حددتها خطة الطرق والأنفاق الإسرائيلية، هنالك أنفاق أدرجتهما إسرائيل "قيد البناء" هما:
الحبلة في محافظة قلقيلية،
وجُبارة في منطقة طولكرم.
تم تشغيل نفق الحبلة منذ أيلول 2004 ممّا يُبقي 22 نفقاً مقترحاً للانشاء في الخطة. هنالك أيضاً قيد الدراسة أو البناء أنفاق أخرى لم تذكرها الخطة: تتضمّن الأنفاق قيد الدراسة:
بدّو-الجيب
وحزما-عناتا؛
أمّا الأنفاق قيد البناء فهي:
زعترة،
وبيت ساحور-العبيدية.
ويبدو أنها تُلائم المشروع الأوسع لخطة الطرق والأنفاق.
تشمل الخطة أيضاً 56 طريقاً. هنالك تسع منها مُدرجة قيد البناء، واثنتان مدرجتان قيد البناء يقوم بتمويلهما مانحون آخرون. ويُبقي ذلك 45 مشروع إعادة تأهيل لطرق فلسطينية اقترحتها إسرائيل.
من بين 11 مشروع إعادة تأهيل لطرق مدرجة قيد البناء (أيلول 2004)، من الممكن تحديد 6 مشاريع على أنها مكتملة منذ حزيران 2005. ومن ضمن 45 مشروع طرق آخر مقترح، من الممكن تحديد ثلاثة على أنها مكتملة:
بيت عنان-خربة المصباح؛
كفر نعمة-راس كركر؛
ألفيه مينشّه-راس طيرة.
9. ماذا تعني خطة الطرق والأنفاق الإسرائيلية للفلسطينيين والإسرائيليين؟
تعني الخطة على المدى القصير أنه سيتم تخفيف الإغلاق على الفلسطينيين في المدن والقرى الفلسطينية الرئيسية. حالما يستطيع الفلسطينيون أن يمارسوا مرة أخرى التبادل التجاري الحر بين بعض المدن الفلسطينية، سوف يطرأ تحسّن على اقتصادهم.
لكن تعني الخطة على المدى البعيد وضع نهاية للحل المبني على قيام دولتين. عِوضاً عن إنهاء نظام الإغلاق، تعمل الخطة على ترسيخه: سوف يبقي نظام الجدار والمستوطنات وخطة الطرق والأنفاق مجرد 54% من الضفة الغربية كاجزاء مفتتة للفلسطينيين. وبينما سيتمتّع الفلسطينيون بحرية تنقّل أفضل إلى المدن الفلسطينية الرئيسية وبينها، إلاّ أنهم سيفقدون حرية الوصول إلى معظم أراضيهم ومواردهم، كما ستفقدهم العنصر الأهم وهو الدولة الفلسطينية القابلة للحياة: القدس الشرقية.
تُسهّل خطة الطرق هذه توسيع المستوطنات الإسرائيلية التي تُعتبر جريمة حرب في القانون الدولي. حيث أُقيمت المستوطنات في مناطق استراتيجية في كل أنحاء الضفة الغربية واستولت على الأراضي الزراعية وموارد المياه والمساحات اللازمة للتطور الزراعي.
كما تعمل الطرق والأنفاق كحواجز تُفتّت الأرض الفلسطينية لأن من الصعب في معظم الأحيان عبورها كما هو حال الجدار. وإذا أقرّت خطة الطرق والأنفاق فستزوّد الفلسطينيين بما يُسمّى "التواصل المواصلاتي"، لكنها ستحرم أي دولة فلسطينية مستقبلية من التواصل الإقليمي، وهو مطلب يعترف به المجتمع الدولي والولايات المتحدة. وهذا سيعني أن كافة الأرض الفلسطينية ستُفتَّت لتلائم المستوطنين الإسرائيليين.
أخيراً، ستزيد الخطة في المحصّلة النهائية الأعباء على الاقتصاد الفلسطيني المدمّر وستزيد أيضاً من تبعيته ووضعه كسوق مدني أسير للبضائع الإسرائيلية (وبضائع المستوطنات) وقوة عمالة رخيصة لإسرائيل. وستجعل هذا الكيان معتمداً دائماً على المنح والمساعدات من المجتمع الدولي لتجنّب الأزمات الإنسانية.
وبدل أن تكون خطوة ايجابية نحو السلام وإنهاء الاحتلال، فان خطة الطرق والأنفاق – مع وجود المستوطنات والجدار – تشكل هجوما أحادي على السلام: وبدلاً من الانضمام إلى الفلسطينيين في هذه اللحظة التاريخية لتحقيق حل متفاوض عليه وعادل لعقود من الصراع، تعمل إسرائيل من خلال خطتها الأحادية على إعادة صياغة الاحتلال والصراع لعقود قادمة.