"يُربّي أرئيل شارون الماعز والخراف. فهو يُحيطهم بالسياج ويُغلق عليهم ببوّابة. وهو يُقرّر متى يدخلون ومتى يخرجون. وهذا ما يفعله بنا الآن". - فلسطيني من صور باهر
1. ما هو الخطأ في بناء إسرائيل للجدار؟
لا تبني إسرائيل الجدار على حدود عام 1967، بل تُخطط لبناء 80% منه داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتُحاول في ذات الوقت القيام بضم فعلي للأراضي الزراعية وموارد المياه الفلسطينية، وتقييد حرية الحركة الفلسطينية، وفصل الفلسطينيين عن مدارسهم ومرافقهم الصحية وأعمالهم وحرمان الآلاف منهم من مصدر رزقهم.
يُقدّر بأن الجدار والمستوطنات (التي تحتوي على حوالي 85% من المستوطنين الاسرائيليين) ستضم فعليا إلى إسرائيل ما لا يقل عن 46% من الضفة الغربية، وبذلك ضمان ليس فقط لبقاء مستوطنات إسرائيل غير القانونية بل توسّعها[1] أيضاً. سيضم الجدار لوحده عندما ينتهي تشييده 9.5% من مساحة الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل. تستولي الكتل الاستيطانية الاضافية على 8.0% أخرى من الضفة الغربية. يحتل غور الأردن الذي أكّدت إسرائيل مراراً أنها تُريد الاحتفاظ به على مساحة28.5% أخرى من الضفة الغربية.
ما زالت الاستراتيجية الاسرائيلية هي الاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينية بينما يتم في ذات الوقت محاصرة أكبر عدد من الفلسطينيين عسكرياً. كل ذلك في محاولة إسرائيلية لمواصلة استعمار واغتصاب الأراضي الفلسطينية.
لا يخدم هذا في المحصّلة النهائية المصالح الاسرائيلية أو الفلسطينية: إذ من غير الممكن نشوء دولة فلسطينية قابلة للحياة بالاستيلاء على أفضل الأراضي والموارد الفلسطينية، وتفتيت الضفة الغربية، وتقييد تطور المجتمعات الفلسطينية، وحرمان الدولة الفلسطينية المستقبلية من عاصمتها ومحركها الاقتصادي، القدس الشرقية. سوف لن يحل سلام دائم وقابل للاستمرار من دون قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة.
سيبلغ طول الجدار عندما ينتهي تشييده حوالي 680 كيلومترا (أكثر من ضعف طول حدود عام 1967). سوف يُصبح حوالي 242.000فلسطيني (إضافة إلى نحو 5300 فلسطيني في المنطقة المغلقة – أنظر إلى سؤال 4) محاصرين بين الجدار وحدود عام 1967.
2. هل هو "جدار" أم "سياج"؟
يأخذ بناء الجدار أشكالاً عديدة. يبلغ ارتفاع الجدار في بعض المناطق (خصوصاً في القدس الفلسطينية المحتلة وحول مدينة قلقيلية الفلسطينية) ثمانية أمتار من الاسمنت المسلح (وهو ضعف ارتفاع جدار برلين) وله في بعض المناطق أبراج مراقبة مسلحة كل 300 متر. يتكوّن الجدار في مناطق أخرى من بنية شاملة تمتد من 30-100 متر تتألف من عدة طبقات من الحواجز المحصّنة بما في ذلك الخنادق (يبلغ عمقها أربعة أمتار)، وسياج كهربائي، وأسلاك شائكة وأجهزة إحساس وطُرق للدوريات العسكرية.
سواء سُمي "جداراً"، "حاجزاً" أم "سياجاً" فليس بالمسألة المهمة لأن التأثير لا يختلف: فهو يمثّل ضماً إسرائيلياً فعلياً للأرض الفلسطينية، وإفقاراً قسرياً للمجتمعات الفلسطينية وإجبارا للفلسطينيين على ترك منازلهم وممتلكاتهم.
3. أليس الجدار ضرورياً لأمن إسرائيل؟
لا. طالما أن الجدار يشق مساره حول المستوطنات غير القانونية الموجودة ومناطق توسّعها المخططة، يبقى الجدار اغتصاباً للأرض وليس إجراءاً أمنياً . إذا كانت إسرائيل معنية حقاً بأمنها، فإنها ستقوم: (1) بالانصياع للقانون الدولي والانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية التي احتلتها في عام 1967 (2) و/أو تبني الجدار على الجانب الخاص بها من حدود العام 1967 بدلاً من بنائه في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
أصدرت محكمة العدل الدولية حكماً بأن الجدار بمساره الحالي لا يمثّل ضرورة عسكرية: "ولم تقتنع المحكمة، في ضوء المادة المعروضة عليها، بأن تشييد الجدار على امتداد المسار الذي تم اختياره هو السبيل الوحيد لصون مصالح إسرائيل من الخطر الذي أعتبرته مبررا لبناء ذلك الجدار"[2].
وفقاً لتقرير مراقب الدولة الاسرائيلي، دخل معظم الفلسطينيين الذين قاموا بأعمال عنف في إسرائيل عن طريق نقاط التفتيش الواقعة على طول حدود عام 1967، وليس من خلال المناطق المفتوحة بين نقاط التفتيش. على الرغم من نتائج التقرير، قرّرت إسرائيل بناء الجدار قبل معالجة المشاكل التي يتسبب بها تشغيل نقاط التفتيش.
توصّلت منظمة حقوق الانسان الاسرائيلية الرائدة "بتسيلم" إلى استنتاج مماثل وهو:
ارتكز المسار على اعتبارات غريبة ليست لها أية علاقة بأمن المواطنين الاسرائيليين. كان الهدف الرئيسي هو بناء الجدار إلى الشرق من أكبر عدد ممكن من المستوطنات لتسهيل ضمّها إلى إسرائيل.
إن المزايا الكلية لجدار الفصل والاعتبارات التي أدّت إلى تقرير مساره تُعطي الانطباع بأن إسرائيل تعتمد مرة أخرى على الحجج الأمنية لكي تخلق بصورة أحادية حقائق على الأرض للتأثير على أي اتفاق مستقبلي بين إسرائيل والفلسطينيين. استخدمت إسرائيل في الماضي "الحاجات العسكرية الملحّة" لتبرير مصادرة الأرض لبناء المستوطنات مدّعية بأن هذا العمل مؤقت، وأصبحت المستوطنات الآن حقائق على الأرض. ويمكننا الافتراض، كما هو حال المستوطنات، بأن جدار الفصل سيصبح حقيقة واقعة لدعم مطالب إسرائيل في المستقبل لضم المزيد من الأراضي[3].
4. ما الذي تُحاول إسرائيل عمله من خلال بناء الجدار؟
تُريد إسرائيل الاستيلاء على الأرض الفلسطينية لكنها لا تُريد الشعب الفلسطيني. يُمثّل الجدار جزءاً من الاستراتيجية لضم أجزاء كبيرة من الأراضي الفلسطينية المحتلة بينما تتم محاصرة المراكز السكانية الفلسطينية الكبيرة. عندما يكتمل الجدار، سيصبح السكان الفلسطينيون الأصليون محاصرون في غيتوات تُشكّل أقل من 12% من فلسطين التاريخية، بينما سيتمكّن المستوطنون الاسرائيليون من السفر بحرية في كل أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة.
إضافة إلى ذلك، اتخذت إسرائيل عدداً من الاجراءات لتشجيع الفلسطينيين الذين يعيشون على "الجانب الخاطئ" من الجدار على الهجرة. في 2 تشرين الأول 2003، أصدر الجيش الاسرائيلي أمراً يعتبر كل الأراضي الواقعة بين الجدار وحدود عام 1967 في شمال الضفة الغربية "مناطق عسكرية مغلقة". ويوضح القرار: "سوف لن يدخل أي شخص [المنطقة المغلقة] وسوف لن يبقى أحد هناك"[4]. حرية الدخول إلى المنطقة المغلقة، والتي تُمثّل حوالي 2% من الضفة الغربية المحتلة، ستمنح فقط "للاسرائيليين" المعرّفين كمواطنين إسرائيليين، مقيمين إسرائيليين وأي شخص يُسمح له بالهجرة إلى إسرائيل (أي من يكون يهودياً). ويطلب الأمر من الفلسطينيين المقيمين في المنطقة المغلقة الحصول على تصاريح للعيش في منازلهم، وحراثة أراضيهم، أو لدواعي السفر إلى داخل وخارج المنطقة. ولا شيء في الأمر يضمن أن التصاريح ستمنح أو أنها ستحترم إذا تم منحها. وسيكون على الفلسطينيين الذين لا يقيمون في المنطقة المغلقة لكن أراضيهم الزراعية أو أعمالهم تقع داخل المنطقة المغلقة تقديم طلبات للحصول على تصاريح لحراثة أراضيهم أو للذهاب إلى أعمالهم. يمنح هذا الأمر عمليا أي يهودي في العالم حق السفر بحرية عبر المنطقة المغلقة بينما يحرم المسيحيون والمسلمون الفلسطينيون الذين يعيشون على أرضهم ويحرثونها ويملكونها من هذا الحق.
هناك ترجمة عربية للأمر العسكري الاسرائيلي في الموقع:
قُتل منذ شهر أيلول 2000 4681 مدنياً فلسطينياً وإسرائيلياً (3626 فلسطيني و1055 إسرائيلي[5]). بعد أن شرعت إسرائيل في تشييد الجدار قُتل حوالي 2707 فلسطينين[6] وإسرائيلين مدنين، والغالبية العظمى (1802 فلسطيني) قُتلو في قطاع غزة المحتل حيث تم بناء جدار مماثل منذ عام[7] 1994. أي أنه لم يحصل أي انخفاض على عدد المدنيين القتلى.
ومع أنه حصل انخفاض على عدد القتلى من المدنيين الاسرائيليين، إلا أن الجدار لم يوقف إسرائيل عن قتل المدنيين الفلسطينيين، حيث تواصل إسرائيل قتل الفلسطينيين بمعدّل 53 فلسطينيا في الشهر (في الفترة من 28 أيلول 2000 وحتى طباعة هذه النشرة).
إن أفضل طريقة لحماية أرواح المدنيين هي فهم ومعالجة جذور الصراع: يموت الاسرائيليون والفلسطينيون بسبب الاحتلال العسكري الاسرائيلي للأرض الفلسطينية الذي مضى عليه 38 عاماً ورفض إسرائيل الالتزام بواجباتها وفقاً للقانون الدولي. لو أرادت إسرائيل أن تحمي الأرواح لكانت قدّمت ذلك على رغبتها في التوسّع والسيطرة على الأرض.
6. أليس الجدار مجرّد إجراء "مؤقت"؟
تدل الأعمال الاسرائيلية السابقة والحالية على عكس ذلك. ففي عام 1967، عندما بدأت إسرائيل ببناء المستعمرات في الضفة الغربية وقطاع غزة في انتهاك لمعاهدة جنيف الرابعة، ادّعت بأن مستوطناتها كانت "إجراءاً أمنياً مؤقتاً". وبعد مرور أكثر من 38 عام، لم تُصبح هذه المستوطنات دائمة فقط، بل تستمر أيضاً في التوسّع. لم تُفكك إسرائيل أبداً أيا من هذه المستوطنات "المؤقتة"، وهناك حالياً أكثر من 400.000 مستوطن يعيشون بصورة غير قانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
إضافة إلى ذلك فإن الضرر الذي يتسبّب به الجدار لا يمكن عكسه: لقد خسر المزارعون الفلسطينيون محاصيلهم وأرضهم ومصدر دخلهم الرئيسي، وتم هدم المنازل ومشاريع العمل الفلسطينية لكي يُبنى الجدار (كما هو الحال في نزلة عيسى حيث تم هدم 124 دكاناً وسبعة منازل في آب 2003، وفي برطعة حيث تم هدم 26 دكاناً وثلاثة منازل ومصنعاً في تموز 2004). كان هنالك أثناء طباعة هذه النشرة 10 مباني (بما فيها ستة منازل تؤوي 58 شخصاً) مهددة بالهدم في أم ركبا جنوب بالقرب من بيت لحم بعد أن خسر السكان استئنافهم المقدّم إلى المحكمة العليا الاسرائيلية في حزيران 2005.
قالت محكمة العدل الدولية في تقريرها الأخير حول الجدار ما يلي:
وفي حين تلاحظ المحكمة التأكيدات التي قدّمتها حكومة إسرائيل بأن تشييد الجدار لا يشكّل ضماً للأراضي وأن الجدار يتّسم بطبيعة مؤقتة، ترى المحكمة أن تشييد الجدار والنظام المرتبط به يخلقان "أمراً واقعاً" يمكن أن يُشكّل وضعاً دائماً على الأرض، وهو ما يُعد من قبيل الضم الفعلي، بغض النظر عن الوصف الرسمي الذي تطلقه إسرائيل على الجدار[8].
يمكن الاطّلاع على النص الكامل لقرار محكمة العدل الدولية في الموقع:
7. ألم تضع إسرائيل "بوّابات عبور" لكي يتمكن الفلسطينيون من الوصول إلى أرضهم؟
لو أرادت إسرائيل حقاً تسهيل وصول المزارعين الفلسطينيين إلى أرضهم، لقامت ببناء الجدار على الأراضي الاسرائيلية وليس بين المزارعين الفلسطينيين وأرضهم.
عندما تكون البوابات مفتوحة فهي محاولة إسرائيلية لجعل الجدار يبدوا إنسانياً. من ضمن 63 بوابة مقامة حالياً[9] على الجدار، هنالك 25 بوابة فقط يستطيع الفلسطينيون الدخول والخروج منها، وحتى هذه يتضائل عددها بصورة مستمرة. أمّا البوابات التي تفتح فهي تفتح بصورة غير منتظمة مرّتين أو ثلاثة في اليوم لمدة ساعة واحدة في كل مرة. وعلى سبيل المثال تم إغلاق كافة البوابات الزراعية من 4 تشرين الأول إلى 20 تشرين الأول 2003 في موسم حصاد الزيتون ممّا تسبب بخسارة كثير من المزارعين لمحصول الزيتون السنوي والعوائد الأخرى منه. وإذا أخذنا مثالاً البوابة الشمالية في قلقيلية، نجد أنها لم تُفتح سوى مرة واحدة في عام 2004. أدّى إغلاق البوابات في قلقيلية إلى موت المواشي (وخصوصاً الدواجن). كما أن الفلسطينيون يُعانون من قسوة ساعات الانتظار الطويلة، وغالباً ما يتم منعهم من العبور.