تستحضر هذه الورقة، وهي الأولى من نوعها باللغة العربية، خلفيات إنشاء ما بات يُعرف باسم الحرس القومي (أو الوطني) في دول مختلفة من أنحاء العالم والتي يحلو لإسرائيل أن تحذو حذوها أو أن تتشبّه بها، لكي تضع يدها على العوامل الواقفة وراء القرار الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية مؤخراً والقاضي بإنشاء مثل هذا الحرس. ويتعيّن التنويه بأن هذا الاستحضار لا يأتي فقط من الرغبة في إجراء المقارنة، وذلك من منطلق أن لكل فترة مُحدّداتها، إنما أيضاً من ضرورة توكيد أنه على الرغم من اختلاف الظرف التاريخي، لا يمكن عدم رؤية التشابهات والتقاطعات ما بين الحرس القومي في الولايات المتحدة مثلاً ومفهوم الحرس القومي في إسرائيل في الوقت الحالي، نظراً لأنها تؤكد، من ضمن أمور أخرى، أن الصراع بين المستوطن الصهيوني والأصلاني الفلسطيني يفرض نفسه على سياق الحرس القومي الآخذ بالتشكّل في إسرائيل.
وبغية التمهيد لقراءة هذه الورقة ينبغي أن نشير، من ناحية الوقائع الصرفة، إلى أنه بعد نقاش حادّ شهده اجتماع الحكومة الإسرائيلية يوم 2 نيسان 2023 صوّت الوزراء لمصلحة تشكيل حرس قومي جديد تحت قيادة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير (رئيس حزب "عوتسما يهوديت" الكهانيّ)، إلى جانب إجراء تقليصات كبيرة في ميزانيات جميع الوزارات من أجل تمويله. ووزارة الأمن القومي بديلة عن سابقتها وزارة الأمن الداخلي، مع صلاحيات أوسع.