- غرفة الإعلام
- التصريحات
- مقابلة الرئيس محمود عباس مع صحيفة الحياة اللندنية
مقابلة الرئيس محمود عباس مع صحيفة الحياة اللندنية
مقابلة الرئيس محمود عباس مع صحيفة الحياة اللندنية
الحلقة الاولى
"لست ضد علاقات طبيعية بين الفصائل وسورية وإيران لكنني لا أرى مصلحة للفلسطينيين في دخول محاور"
عباس: تأهيل «حماس» يفترض اعترافها بـ «خريطة الطريق» المرجعية الوحيدة لحل الصراع عمليات «الجهاد» ساهمت في هز السلطة وحين سألناها عن المنفذين ردّت باستحياء: ليسوا منا
صنعاء – الحياة اللندنية/ غسان شربل
يملك الرئيس محمود عباس (أبو مازن) شرعية كاملة، فهو رئيس منتخب استناداً الى قناعات لم يحاول تغليفها أو تجميلها. وتملك حركة «حماس» شرعية كاملة منذ فوزها في الانتخابات التشريعية الأخيرة، استناداً الى خيارات لم تحاول اخفاءها. لا يستطيع عباس اعتناق برنامج «حماس» ولا يريد. ولا تستطيع «حماس» اعتناق خيارات عباس بين ليلة وضحاها. وهكذا فرضت الانتخابات الفلسطينية تعايشاً صعباً أو زواجاً قسرياً، يبدو ان انقاذه من الطلاق المكلف مشروط بقدرة «حماس» على تجرع كأس الواقعية بكل مراراتها.
كنت في صنعاء لإجراء حوار مع الرئيس علي عبدالله صالح حين عرفت ان الرئيس الفلسطيني سيزورها. اغتنمت الفرصة لإجراء حوار معه ولم يبخل على «الحياة» بالوقت، على رغم ازدحام المواعيد.
لم يغيّر «أبو مازن» أسلوبه. انه رئيس لا يفكر في استرضاء الجماهير أو دغدغة مشاعرها. يفكر في مصارحتها ولا يتردد «في السباحة ضد التيار».
اعترف بأنه لم يتوقع ما تمخضت عنه الانتخابات. وتحدث عن الصعوبات التي تنتظر «حماس» وهو يصر على ضرورة اعطائها الفرصة. وواضح من كلامه انه يطالب بإعطائها فرصة ان تغيّر لغتها. لفتني في الحوار استخدامه تعبير «استشهاد أبو عمار»، فسألته عن ظروف وفاته كما سألته عن آرييل شارون والمصافحة المستحيلة بين زعيم فلسطيني غاب وزعيم اسرائيلي ينتظر موعد الغياب. وهنا نص الحلقة الأولى من الحوار:
فخامة الرئيس يبدو ان قدرك هو السباحة في المياه الصعبة؟
لعلك تقصد السباحة ضد التيار وهذا صحيح. هذا ليس من باب خالف تعرف. أحياناً يقول المرء كلاماً لا يتفق عليه الجمهور. يقوله لقناعته بأن هذا الكلام يعبّر عن المصلحة الحقيقية لشعبه. قد لا يلقى هذا الكلام صدى إيجابياً في البداية، وربما أحدث صدمة. بعد فترة هناك من يقبل هذا الكلام وهناك من لا يقبله.
في السبعينات بدأت أتحدث عن ضرورة الاتصال باليهود. كل الناس كانوا ضد هذا الموقف. في اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني في 1977 تحدثت في شكل واضح ومباشر. حظي الموقف بتأييد واسع وبدأنا مسيرة في هذا المجال. الأمر نفسه بالنسبة الى أوسلو وعسكرة الانتفاضة. هناك مواقف قد لا تكون جماهيرية لدى طرحها، لكن الرجل السياسي مطالب بأن يستشف حقيقة رغبات الجمهور ومصالحه، وبأن يكون صريحاً في التعبير عنها. قبل دقائق كنت مجتمعاً بأفراد الجالية الفلسطينية في اليمن وقلت لهم انني لست مع المقاومة المسلحة وانني مع السلام، وان علينا أن نحرج اسرائيل ونفاوضها. لقي الكلام تأييداً ولكن ليس بالضرورة من الجميع.
هل تعبت من هذا القدر؟
لا، أنا مرتاح ومتصالح مع نفسي. حين أقول قناعاتي أشعر بارتياح. وأحب دائماً أن أقول قناعاتي. لا أحب المجاملة في السياسة. يمكن أن يكون المرء سياسياً محترفاً وأن يلعب على أوتار مختلفة وأعصاب مختلفة وأن يماشي ويمالئ، لكن ذلك لا يؤدي الغرض.
هل تعتبر انك تقول الحقيقة دائماً للفلسطينيين؟
أحب أن أقول لهم الحقيقة دائماً وفي الوقت المناسب. مسألة الوقت المناسب مهمة كي ينطلقوا من هذه الحقيقة لبناء آمالهم وطموحاتهم.
لنتحدث بصراحة هل بدأت في تدبيج كتاب استقالتك؟
لا، موضوع الاستقالة إشاعة كبيرة. أقول كلاماً يفهم منه وكأنني أريد الاستقالة في حين أنا لا أريد ذلك. لكن الكرسي ليست غاية بالنسبة إلي وليست هدفاً. الكرسي وسيلة فإذا استطعت ان أحقق ما لديّ من خلالها فأنا باق ومستعد ان أقاتل وأصارع من أجل ذلك. أما إذا وصلت الى طريق مسدود ولا أمل لي في تحقيق ما أريد، فإنني لا أرى عندها فائدة من بقائي.
هل توقعت ذات يوم ان تكون الرئيس الفلسطيني وحامل هذا العبء؟
لا.
لم تفكر بالرئاسة؟
لا، بالرئاسة ولا برئاسة الوزراء. إطلاقاً. إطلاقاً. أنت تعرف تاريخي. كنت دائماً في الظل. لم أكن حاضراً في الإعلام إلا ما ندر وحين أشعر بأن لدي ما أقوله. لم تكن لدي أي رغبة في أن أكون في الصدارة. لكنني وجدت نفسي مضطراً لتولي رئاسة الوزراء ومرة أخرى مضطراً لتولي الرئاسة لدى وفاة الأخ ياسر عرفات (أبو عمار). أنا لست نادماً. أنا مش زعلان. لكنني لم أسع أبداً.
هل تستطيع أن تجزم بعبارة واضحة انك لم تخطط ولم تسع؟
إطلاقاً. إطلاقاً. لم أفكر في هذا الأمر. الاخوان فكروا فيه بعد استشهاد الأخ أبو عمار. خطير جداً
قبل الخوض في حديث الانتخابات أريد الاستفسار عن مسألة. هناك كلام متزايد ان «القاعدة» تسعى الى التمركز على خطوط التماس العربية – الاسرائيلية، للاشتباك مع الدولة العبرية نظراً الى ما يوفره ذلك من استقطاب لأجيال جديدة ولحساسية القضية الفلسطينية. هل لاحظتم وجوداً لـ "لقاعدة" في الداخل الفلسطيني؟
بصراحة لدينا مؤشرات.
مؤشرات الى وجود لـ «القاعدة»؟
نعم.
أين، في غزة مثلاً؟
نعم.
وخارج غزة؟
في الضفة أيضاً.
هل يثير الأمر قلقكم؟
جداً.
لماذا؟
لأنهم إذا تمكنوا من الدخول بلا رقيب أو حسيب، ستكون النتيجة تخريب كل المنطقة. هذا سؤال حساس وأريد أن أكون دقيقاً. لدينا إشارات حول وجود ما لـ «القاعدة» في غزة والضفة. هذه معلومات استخباراتية. لم نصل بعد الى مرحلة الضبط ووضع اليد. انها معلومات أمنية. آخر تقرير أمني تلقيته كان قبل ثلاثة أيام. انها المرة الأولى التي أتحدث فيها عن هذا الموضوع. هذا أمر خطير جداً.
لكنك تجزم بوجود مؤشرات؟
نعم. لم أتوقع.
هل توقعت عشية الانتخابات التشريعية الفلسطينية ان تكون نتيجة الانتخابات كما ظهرت؟
لا.
ماذا توقعت؟
توقعت نتائج متقاربة جداً، أي ان تحصل «حماس» على مقعد إضافي على ما تحصل عليه «فتح» أو العكس… مقعد أو اثنين. أنا أحدثك بكل صراحة وأنت تعرف أسلوبي. لم أتصوّر حجم الفارق. فهمت الفارق حين عدت الى الأسباب. أبرزها وأهمها أن 78 شخصاً من «فتح» خاضوا الانتخابات مستقلين فحجبوا عن لوائحها مئتي ألف صوت.
لو لم يفعلوا ذلك هل كانت النتائج لتتغير؟
بالتأكيد.
بماذا شعرت لدى ظهور النتائج، هل ازدادات السباحة صعوبة؟
بصراحة عندما قررنا اجراء الانتخابات نظرت اليها كاستحقاق ديموقراطي للشعب الفلسطيني ولم أهجس بهوية من سيكون الفائز. حين تحتكم الى الناس عليك ان تقبل النتائج. لا أخفي ان حجم الفارق أزعجني لكنني أعتبر ذلك خيار الناس. إذا عدنا الى الأرقام نرى ان «فتح» حصلت على 51 في المئة من الأصوات في حين حصلت «حماس» على 43 في المئة. حصلنا على الأصوات وفشلنا في المقاعد (يضحك). السبب نحن. لو لم يترشح 78 من «فتح» منفردين لحصلنا على 67 مقعداً أي الغالبية زائد واحد.
هل شعرت بالخيبة وممن؟ من الناخب الفلسطيني أم من «فتح»؟
من تصرفات «فتح». أنا حاولت إقناع من قرروا الترشح مستقلين بالانسحاب. كانوا 120 شخصاً انسحب قسم منهم وبقي 78. كنا اتخذنا في «المجلس الثوري» قراراً يقول من استقل استقال، لذلك أصدرت أمراً بفصلهم جميعاً من الحركة وبينهم ستة من أعضاء «المجلس الثوري».
قيل يومها ان الرئيس عباس طعن من بيت أبيه؟
حركة «فتح» وليس عباس. حركة «فتح» طعنت من داخلها.
الفلسطينيون اقترعوا لبرنامج «حماس» أم احتجاجاً على أداء السلطة والحزب الحاكم؟
إذا كان الحديث التقليدي لـ «حماس» هو استمرار المقاومة وعدم التعامل مع الشرعية الدولية ومع اسرائيل فإن الناس لم يصوتوا لها بهذا المعنى، وإنما صوتوا أصواتاً احتجاجية وأحياناً انتقامية. احتجاج أو انتقام ممكن. أنا أعتبر ان الرأي العام الفلسطيني لا يزال يؤمن بالسلام. لو أجري استطلاع رأي للشعب الفلسطيني اليوم وسئل هل تريد السلام أم لا، وهل تريد العمل العسكري ام لا. ثمانون في المئة من شعبنا يعارضون عسكرة الانتفاضة وأكثر من 57 في المئة يريدون السلام. الشعب الفلسطيني لم يتغير في توجهاته السياسية، لكن لأسباب مختلفة ذكرت أحدها صوّت الناس على النحو الذي حصل. خذ الحديث عن الفساد مثلاً والذي ألبسونا إياه. هناك فساد ونحن نعالجه ونحاكمه. عندما تحاكم الفساد لا تكون فاسداً. مع ذلك أُلبِسنا هذا الموضوع.
من ساهم في تقويض السلطة أو هزّ أركانها، إضافة الى إسرائيل؟
الموقف الاسرائيلي مهم جداً. انه الأهم. ان اسرائيل لم تعطنا شيئاً. لم تقدم لنا شيئاً. لم تعطنا أسيراً واحداً بعد اتفاق شرم الشيخ. لم يحصل بيننا وبينهم أي شيء. كانوا يفكرون بحلول أحادية الجانب. لم يساعدونا في أن نقدم شيئاً للشعب الفلسطيني.
الأميركيون كانوا بطيئين؟
الأميركيون، وللأسف الشديد، لم يقدموا لنا الدعم اللازم.
أوليست هناك مساهمة فلسطينية في تقويض السلطة؟ سلوك قيادات في «فتح» وعمليات «حماس» و «الجهاد»؟
الحقيقة ان «حماس» أوقفت العمليات منذ فترة طويلة. نعم «الجهاد» وبعض من يسمون أنفسهم «كتائب الأقصى»، هؤلاء يخربون العمل كله. حصلت عمليات في عهدي في تل أبيب والخضيرة وغيرهما، وكانت تهز أركان السلطة.
«الجهاد»: ليسوا منا
هل تنفذ «الجهاد» أو «كتائب الأقصى» هذه العمليات انطلاقاً من حق المقاومة، أم في سياق برنامج خارجي؟
سألنا «الجهاد» عن هذه العمليات وفهمنا منها ان لا سيطرة لها على المجموعات التي تنفذها، لهذا تحدثنا عن طرف ثالث. «الجهاد» تقول على استحياء: ليسوا منا، من أين إذاً؟ لهذا تحدثت عن طرف ثالث خارجي يلعب بنا لإدخالنا في الدوامة وربما كان هناك فلسطينيون في هذا الطرف.
هل اخترقت «الجهاد» مجموعات «كتائب الأقصى»؟
خلال السنوات الأربع للانتفاضة كثيرون اخترقوا ومن كل مكان. ونتيجة الفوضى يمكن لأي شخص أن يتصل بشخص آخر ويوفر له الدعم ويحركه. كثيرون يستخدمون تسمية «كتائب الأقصى» ولا تكون للكتائب علاقة بهم. أعرف حقيقة «كتائب الأقصى»، عناصرها تلتزم التعليمات. في الانتخابات لم يقدموا على أي عمل سلبي، بل على العكس. هناك من يستخدم الاسم لإطلاق الصواريخ وممارسات أخرى. ثم ان فروع الكتائب كثيرة. وبهذا تضيع الطاسة.
هل ساهمت عسكرة الانتفاضة والعمليات الانتحارية في فوز «حماس»؟
أوجدت مناخاً، لكنها بنتائجها على الأرض كانت مدمرة، كائناً من كان القائم بها. عندما بدأت عسكرة الانتفاضة في الشهر التاسع من العام 2000 قلت للرئيس عرفات: «أوقف هذه الانتفاضة». كنا في الطائرة من رام الله الى غزة ورأينا عجلات تحترق. قلت لعرفات: «هذه كرة ثلج، لن نستطيع إيقافها. أوقف هذه الانتفاضة».
هل كان عرفات متعاطفاً مع العسكرة، ويريد أن يقاتل ويفاوض في الوقت نفسه؟
نعم كان يؤمن بالعسكرة، لو لم يكن مؤمناً لأوقف الانتفاضة. كثيرون كانوا يؤيدون هذا الأسلوب. هنا أرجع الى سؤالك الأول. خياراتي كانت في كثير من الأحيان ضد التيار.
هل تعتقد انه يمكن ترتيب البيت الفلسطيني الآن مع إبقاء عملية السلام حية؟
لا بد من عودة عملية السلام ومن ترتيب البيت الفلسطيني على هذا الأساس. ليس أمامنا إلا طريق السلام: الهدوء وتحرك الاقتصاد واستئناف المفاوضات مع الإسرائيليين في شقين: الأول حول القضايا اليومية الراهنة وشرم الشيخ، والثاني على قضايا المرحلة النهائية الواردة في اتفاق اوسلو و «خريطة الطريق».
أريد جواباً واضحاً... هل تسمح «خريطة الطريق» للفلسطيني بأن يقاتل ويفاوض في الوقت نفسه؟
لا.
كيف؟
ممنوع. البند الأول من «خريطة الطريق» يتحدث عن التهدئة وسحب السلاح مقابل قيام اسرائيل بوقف الاستيطان وبناء الجدار. كيف يمكن ان تقاتل وتفاوض في الوقت نفسه؟ 180 درجة؟
هل تعتبر ان فوز «حماس» اعاد الصراع الى ما قبل «خريطة الطريق» ورؤية الرئيس جورج بوش واتفاق اوسلو؟
الجواب يتوقف على موقف «حماس» من هذه الأمور. «حماس» لم تكوّن او تعلن او تطبخ موقفاً. تحتاج ان تطبخ مثل هذا الموقف. بعض المسؤولين العرب قال: «اعطوا «حماس» فرصة». وأنا أقول يجب اعطاء «حماس» فرصة. مستحيل ان ينقلب موقفها 180 درجة خلال شهر. أنا اعتبر زيارات «حماس» الى الخارج مهمة ومفيدة. سيسمعون وسيُسمعون، بالتالي يكوّنون رأياً. ماذا تتوقع ان يسمعوا في روسيا او غيرها. هل سيأخذون في الاعتبار ما سيسمعونه، هذا عائد لهم. ربما زاروا فرنسا. ربما سمعوا الشيء نفسه في تركيا او مصر. لذلك يجب ان يترك لهم مجال لبلورة موقفهم.
ما هو المطلوب لتأهيل «حماس» وبحيث تكون شريكاً وتبقى عملية السلام حية؟
قلت لهم ان خطابي في المجلس التشريعي هو أساس سياستي ولذلك أرجو ان يتم التواؤم بين ما أقول وما تقولون. طبعاً لا يستطيعون ان يجيبوا بنعم أو لا. سيدرسون الأمر وفي ضوء الدراسة سنرى. من دون السياسة التي تحدثت عنها لا أعتقد بأننا نستطيع ان نقلع ونمشي.
«حماس» والعلاقات والمحاور
هل تعتبر تحالفات «حماس» الإقليمية عقبة امام تأهيلها؟
لست ضد علاقات «حماس» مع أي جهة. انا أدعو لأن تكون لنا علاقات جيدة مع الجميع، عرباً ومسلمين وفي العالم الأوسع. لذلك صححت كل العلاقات التي ورثناها من الكويت الى لبنان. انا لست ضد العلاقات، انا ضد التمحور. في فبراير (شباط) الماضي أدليت بتصريح قلت فيه اننا لا نتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية ولا نقف مع هذه الجهة او تلك. وكنت أقصد اننا ضيوف في لبنان ونحن تحت القانون لا فوق القانون. هذا ماذا يعني؟ لا نريد ان نكون داخل أي محور. يجب ان تكون لـ «حماس» علاقات طبيعية أو جيدة مع سورية وإيران، لكن يجب ألاّ تكون علاقة محور. انا كفلسطيني لست مضطراً ان أكون مع جهة ضد اخرى.
بماذا يشعر الرئيس الفلسطيني حين يستعير الأستاذ خالد مشعل في طهران اوصافاً اطلقها الإمام الخميني، وجوهرها الدعوة الى إزالة اسرائيل؟ هل تشعر بأن الطلاق غير بعيد؟
لا. أعتقد بأن الأجواء تؤثر احياناً على الخطاب. «حماس» لم تغيّر لغتها حتى الآن. شخصياً، أعتقد بأنها ستغيّر لغتها. لذلك لا أريد ان أصدر حكماً الآن. أفضل ان أنتظر.
هل بات على الرئيس الفلسطيني ان يأخذ في الاعتبار ما يسميه الإعلام محوراً ايرانياً – سورياً يمر في جنوب لبنان وصولاً الى غزة؟
انا لا أقبل بأن نكون جزءاً من أي محور ومع أي كان. أؤيد علاقات جيدة مع الجميع، لكن من دون الدخول في محاور.
هل أبلغتك «حماس» رسمياً ان ايران وافقت على تمويل السلطة الفلسطينية؟
لم أبلغ حتى الآن، لكنني سمعت ان ايران ستقدم مثل هذا الدعم، طبعاً اذا ارادت ايران ان تقدم دعماً فهذا شيء جيد، المهم ان يصلنا هذا الدعم، أي ان يصل الى السلطة.
ألا يشكل الحصول على دعم من دولة في وضع ايران احراجاً لكم؟
المال الذي يصلنا يصبح فلسطينياً، لكن نحن لا ندفع اثماناً في مقابل الحصول على دعم. نحن لنا سياستنا وموقفنا ورأينا، من يريد أن يدعمنا على هذا الأساس نرحب به ومن لا يريد نشكره ايضاً.
هل يخدم تصريح للرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد يدعو فيه الى شطب اسرائيل، سياستكم؟
نحن لا نردد هذا الكلام، لأننا اعترفنا بدولة اسرائيل. هو حر ان يقول ما يريد وهو رئيس دولة كبيرة في المنطقة لها سياستها. بيننا وبين اسرائيل اعتراف متبادل وعلاقات. نحن نعترف بإسرائيل في حدود 1967. هذا واضح.
هل يكفي ان تؤيد «حماس» مبادرة السلام العربية؟
يجب ان نقرأ مبادرة السلام العربية في شكل جيد. تقول المبادرة ان العرب مدعوون، وبعدهم المسلمون، الى الاعتراف بإسرائيل اذا وصلت الى حل بالانسحاب من الأراضي العربية التي احتلت في 1967 والى حل عادل ومتفق عليه لمشكلة اللاجئين بحسب القرار 194. هذا مضمون المبادرة وهي ثمينة جداً وغالية جداً ومحترمة جداً، وهي اول وأشجع مبادرة عربية وقد تضمنت كلاماً ايجابياً تلقفه العالم، وأظهرت استطلاعات للرأي ان 70 في المئة من الإسرائيليين وافقوا عليها. الحقيقة ان المبادرة العربية اصبحت جزءاً لا يتجزأ من «خريطة الطريق». عندما صيغت «خريطة الطريق» استندت في الحيثيات الى نقاط بينها مبادرة السلام العربية ورؤية بوش. ثم ان «خريطة الطريق» اصبحت قراراً أممياً صدر عن مجلس الأمن ورقمه 1515.
ثلاث مراحل
هذا يعني ان تأهيل «حماس» يفترض اعترافها بـ «خريطة الطريق»؟
لا شك في ذلك. «خريطة الطريق» تشمل ثلاث مراحل: الأولى امنية يوحد الفلسطينيون الأجهزة ويسحبون الأسلحة وخطوات اخرى، وفي المقابل توقف اسرائيل الاستيطان وبناء الجدار. مثلاً أنا طلبت من «حماس» ان تكمل مهمتي في توحيد اجهزة الأمن وسحب كل سلاح غير قانوني، أي سلطة واحدة وقانون واحد وسلاح شرعي واحد وتعددية سياسية. النقطة الثانية تتحدث عن مؤتمر دولي ودولة ذات حدود موقتة. هنا المطب. لكنها تقول ان هذا خيار وما دام خياراً فأنا أرفضه، ولكن انا لا أرفض «خريطة الطريق». النقطة الثالثة رؤية الرئيس جورج بوش وأنا موافق عليها بنسبة مليون في المئة. انها تتحدث عن قيام دولة فلسطينية ديموقراطية متصلة قابلة للحياة تعيش جنباً الى جنب مع دولة اسرائيل. كما تقول بإنهاء الاحتلال الذي وقع عام 1967. أنا موافق. «خريطة الطريق» شملت مبادرة السلام العربية ورؤية بوش وأصبحت مرجعية حقيقية، وأقول المرجعية الوحيدة لحل الصراع العربي – الإسرائيلي.
هل تعتبرها المرجعية الوحيدة؟
نعم، ونحن ملتزمون بها.
هل يمكن القول ان مشاركة «فتح» في حكومة تشكلها «حماس» غير واردة؟
لا. هناك مفاوضات بين الجانبين وبحث عن ارضيات مشتركة، وتُناقش. اذا اتفقت الحركتان اهلاً وسهلاً. وإذا تعذر الاتفاق فيجب ان يُفسح المجال لـ «حماس» لتشكيل حكومة مع الأطراف التي تراها و «فتح» ستكون في موقع المعارضة الإيجابية.
هل حصلت اتصالات بينك وبين خالد مشعل بعد الانتخابات؟
طبعاً. هنأته على النتائج وتعاهدنا على التعاون بمحبة وأخوة.
كيف تصف العلاقة بينكما؟
جيدة جداً، وعلاقتي برئيس الوزراء المكلف اسماعيل هنية جيدة جداً.
هل تعتبر ان التعايش مع هنية كشخص ممكن؟
بلا ادنى شك، اتمنى له التوفيق والنجاح. لا مشكلة مع سورية
كيف تصف العلاقات بين السلطة الفلسطينية وسورية؟
انها علاقات طبيعية وجيدة. لا توجد أي مشكلة بيننا وبين سورية.
هل كنت مرتاحاً الى اجتماع الرئيس الإيراني احمدي نجاد بقادة الفصائل الفلسطينية المقيمة في دمشق؟
هذا موضوع آخر، الفصائل موجودة في دمشق وتلتقي من تشاء، ولديها هامش من الحرية. هذا لا يضيرني، إنما بالنسبة الى علاقتي مع الرئيس بشار الأسد وكبار المسؤولين (السوريين) فهي ممتازة ولا تشوبها شائبة وتلقيت اكثر من دعوة لزيارة دمشق.
وستلبي الدعوة؟
ليس هناك ما يمنع. نحن صححنا كل علاقاتنا العربية.
هل تنوي زيارة ايران؟
لدي دعوة.
هل يمكن ان تطلب من سورية وإيران التدخل لدى «حماس» لإبداء مرونة اكبر؟
انا أحكي مباشرة مع «حماس». لا نحتاج الى وسيط في المواضيع التي تحتاج حواراً بين الفلسطينيين.
اذا حدث طارئ واحتجت الى التحدث الى صاحب القرار في «حماس» بمن تتصل؟
تركيبة «حماس» معروفة. لديها مكتب سياسي ورئيسه خالد مشعل. اذاً الحديث يكون مع خالد مشعل. ظروفنا لا تسمح بأن نلتقي، لذلك نحن على اتصال بقيادتهم في غزة: اسماعيل هنية ومحمود الزهار وصيام وهؤلاء التقي معهم كلما ذهبت الى غزة.
هل هناك مشروع لقاء بينك وبين خالد مشعل؟
الآن لا يوجد مشروع. لا ضرورة الآن. سألت «حماس» رسمياً من ترشح لرئاسة الحكومة فقالت اسماعيل هنية. جاء وسلمته رسالة التكليف. نحن على اتصال معه.
«حصة» الرئيس
هل تريد حصة لك في الحكومة؟
الحوار قائم بين «حماس» و «فتح». الرئيس حصته كل الشعب. إنه رئيس كل الفلسطينيين ويساوي بينهم.
هل لديكم اشارات ان الولايات المتحدة قد تقبل «حماس» أو تتقبلها؟
حتى الآن كل مؤشرات الأميركيين سلبية. موقفهم هو ان «حماس» ما لم تعترف بإسرائيل وما لم تلتزم الالتزامات الدولية وما لم تنبذ الإرهاب، لن تكون لهم معها علاقات. هذا كلام الأميركيين وقد أبلغني إياه ديفيد ويلش. تعرف السياسة متغيرة لكن هذا هو الموقف حتى اليوم.
ماذا طلبتم من ويلش؟
طلبت منه حتى ولو كان موقفهم سلبياً من «حماس»، ان تستمر المساعدات للشعب الفلسطيني، وقلت له ان الشعب الفلسطيني يجب ألا يُعاقب على تجربته الديموقراطية. لم يكن رده ايجابياً لكنه لم يكن سلبياً ايضاً.
هل يمكن ان يكون الموقف الأوروبي مختلفاً؟
أعتقد بأن ثمة هامشاً لدى الأوروبيين، لكن السؤال هو عن مدى هذا الهامش الذي قد لا يكون كبيراً. التجربة اظهرت ان الأميركيين والأوروبيين ليسوا نسخة طبق الأصل عن بعضهم بعضاً. أبو عمار "كان مظلتنا وسيبقى ملف استشهاده مفتوحاً حتى الوصول الى الحقيقة"
عبّاس: عرفات وشارون وجهاً لوجه والكراهية المتبادلة جعلت المصافحة مستحيلة
تجربة «حماس» فريدة ومشعل رجل عاقل وعمر سليمان يسعى الى مساعدتنا ولا يجامل
يحاول الرئيس محمود عباس (أبو مازن) إبقاء نافذة الأمل مفتوحة ولو قليلاً. أسهل الخيارات عليه ان يدبج كتاب استقالته تاركاً لـ «حماس» المنتصرة وضعاً يشبه كرة النار. لن يفعل. هذا على الأقل ما يقوله حالياً. يدرك تماماً حجم المصاعب والمتاعب. يعرف ان عالم ما بعد 11 ايلول (سبتمبر) لا يشبه ما قبله. يعرف ان الشرق الأوسط بعد الحرب في العراق يختلف عما كان عليه قبل الحرب وتبعاتها وشراراتها. يعرف ايضاً ان المشهد الفلسطيني بعد فوز «حماس» يختلف كثيراً عما كان عليه عشية الانتخابات.
مهمة شبه مستحيلة. عليه ان يذكر «حماس» المنتصرة بأنها تقف على ارض استعيدت بالتفاوض وعبر أوسلو على رغم كل ما سبق ذلك وتبعه من تضحيات. عليه ان يقنعها بأن تتأقلم مع الحقائق القائمة على الأرض وأن تتكيف مع المعطيات الدولية. عليه ان يقنع الإدارة الأميركية بممارسة ضغوط جدية على اسرائيل. عليه ان يقنع اسرائيل بأن السلام كما رقصة التانغو يحتاج الى اثنين ولا بد من الاعتراف بالفلسطيني شريكاً والاعتراف بحقوق هذا الشريك.
الحلقة الثانية
سألت الرئيس الفلسطيني عن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آرييل شارون وعن المصافحة التي ظلت مستحيلة بين شارون والرئيس ياسر عرفات. وهنا نص الحلقة الثانية والأخيرة:
ما هو حجم الأزمة المالية لدى السلطة؟
لا حدود لهذه الأزمة. بمعنى اننا إذا لم نرتب حالنا شهرياً لتأمين الرواتب سنواجه مشكلة كبرى.
هل تخشى ان تسفر هذه الأزمة اذا استفحلت عن فوضى عارمة أو انهيار؟
ممكن.
هل صارت «حماس» مطالبة بضبط الفلتان الأمني؟
نعم، بعد تشكيل الحكومة. الفوضى والسلاح.
إذاً «حماس» تسلمت من الناخبين الفلسطينيين كمية كبيرة من المصاعب؟
نعم «حماس» مقبلة على مصاعب. كل من يأتي الى السلطة عليه ان يتوقع ألا تكون نزهة. هل تعرف معنى مجيء «حماس» الى السلطة؟ لديهم 20 وزيراً أو 24. لكل وزير علاقات يومية مع اسرائيل. وزير المال يريد العائدات وهناك وزراء الاقتصاد والمياه والكهرباء والشؤون الأمنية. لا بد من اتصالات بالاسرائيليين: فلان سيغادر وفلان سيصل. هناك تداخل يومي. الوجود في المعارضة شيء والوجود في السلطة شيء مختلف كلياً. ويفترض بمن يأتي الى السلطة ان يكون عارفاً بمستلزماتها وتعقيداتها.
هل هناك صيغة يمكن أن تضمن لوزراء «حماس» عدم التعاطي مع اسرائيل؟
لنفترض انهم اختاروا ذلك، كيف ستمشي مصالح الناس؟
كأن تتحمل منظمة التحرير مسؤولية التفاوض مع اسرائيل؟
المنظمة تتحمل هذه المسؤولية، لكن لجنة المفاوضات تضم رئيس المجلس التشريعي ورئيس الوزراء ووزيري الخارجية والمال، فضلاً عن رئيس لجنة المفاوضات وهو صائب عريقات وأنا الرئيس الفلسطيني. واللجنة تفاوض باسم منظمة التحرير وتوقّع باسمها. قد لا يذهب رئيس الوزراء الى جلسات التفاوض، لكن التفاوض يتم باسم الجميع. والحقيقة ان المفاوضات هي جزء واحد وصغير ومؤجل من علاقاتنا مع اسرائيل. المفاوضات مجمدة عملياً منذ سنوات، لكن الحياة اليومية تطرح مشكلات تحتاج حلولاً أو تنسيقاً. أنا شخصياً كلما أردت مغادرة الضفة الى غزة يتصل مرافقي بالسلطات الاسرائيلية ويبلغها قبل 24 ساعة على الأقل انني سأغادر في الساعة الفلانية وبصحبتي فلان وفلان وفلان وأرقام هوياتهم.
إذا أراد اسماعيل هنية غداً الانتقال بين غزة والضفة، هل سيضطر الى التزام الاجراءات نفسها؟
نعم.
في لبنان جدل حول السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وعلى سبيل المثال السلاح الموجود في الناعمة جنوب بيروت. ما هو موقفكم؟
هذا السلاح يجب ألا يكون موجوداً. قلت هذا بصراحة وأكرره الآن. إذا كنا في الداخل الفلسطيني نريد سلاحاً شرعياً وحيداً، فعلينا ان نتجاوب مع طلب الحكومة اللبنانية. لا ضرورة لهذا السلاح.
هل يعقّد فوز «حماس» العلاقات مع الأردن؟
لا. لماذا يعقّد؟
العلاقات بين الاسلاميين على ضفتي النهر؟
الإسلاميون في البرلمان. نحن كسلطة متفاهمون مع الحكومة الأردنية على تفاصيل التفاصيل. الأمر نفسه مع مصر. نحن ننسق في شكل يومي ودقيق مع هاتين الدولتين الشقيقتين بالذات، ومع بقية الدول العربية. البلدان يشكلان بوابتين لنا، ونحن حريصون على بناء علاقات واضحة ولا لبس فيها معهما.
كيف هي علاقاتك مع الملك عبدالله الثاني؟
ممتازة جداً.
ومع الرئيس حسني مبارك؟
ممتازة جداً. وهي ممتازة مع الأركان في البلدين.
هموم عمر سليمان
يبدو رئيس الاستخبارات المصرية الوزير عمر سليمان منشغلاً بالمتاعب الفلسطينية. لماذا؟
انه وزير الأمن، وغالب قضايانا أمنية. حواراتنا في غالبيتها أمنية. علاقاته في الساحة صارت كبيرة وواسعة وشبكتها تشمل الكل. انه رجل عاقل يعي تماماً مصالح بلاده ومصالح شعبنا ويسعى الى مساعدتنا. انه رجل واضح لا يجامل.
وأسلوبه في التفاوض؟
يقوم على الوضوح. يأتي مبلوراً نقاطاً محددة. لا يسعى الى تغطية الأشياء أو تمريرها على عادة الديبلوماسيين.
هل يشارك حالياً في إنضاج موقف «حماس»؟
انه بلا شك يبلِّغ «حماس» موقف مصر وقراءتها للتطورات وتصورها لما تفترض أن يكون عليه الموقف الفلسطيني. يبلغني الأشياء نفسها في لقاءاتنا. نتحاور. لا يجاملني إذا كان رأيه مختلفاً. فما يجرى في فلسطين يؤثر أيضاً في مصر.
هل يشجع أي نجاح لـ «حماس» في الحكومة الاسلاميين في المنطقة، وهل تلعب هذه المخاوف ضد «حماس»؟
أعتقد بأن تجربة «حماس» فريدة. التجربة التركية مختلفة. التجربة الجزائرية لم تحصل. طبعاً إذا نجحت تجربة «حماس» ستكون لها انعكاسات. الأمر نفسه بالنسبة الى الفشل.
هل لديكم كسلطة علاقات مع «حزب الله» في لبنان؟
لا. هذا لا يعني ان العلاقات عدائية أو تمتاز بالخصومة. لا أعرف اذا كانت هناك من قبل علاقات أو اتصالات. في عهدي لا علم لي بوجود اتصالات.
هناك من يتهم «حزب الله» بتدريب عناصر أو تقديم مساعدات. هل لديكم كسلطة معلومات عن دور ما للحزب في الأراضي الفلسطينية؟
لا. ليست لدينا معلومات. مع «حزب الله» لا توجد علاقة سلبية ولا توجد علاقة ايجابية.
مواعيد مع شارون
كيف تتوقع نتائج الانتخابات الاسرائيلية؟
يمكن أن تكون على الشكل الآتي: يتقدم حزب «كاديما» على الآخرين ويأتي بعده حزب العمل ثم ليكود ثالثاً وبعدهم شاس وشينوي.
ماذا يفعل انتصار «كاديما» بالمفاوضات؟
«كاديما» حالياً هي كل افكار شارون مع احتمال حصول بعض التعديلات. الآن لا يتكلم قادة هذا الحزب على المفاوضات لئلا يخسروا الانتخابات. يتحدثون بلغة متشددة لكسب الأصوات.
هل أثر غياب آرييل شارون في «كاديما» وعملية السلام؟
شارون رجل صعب جداً عقائدياً. التسويات معه أصعب بكثير منها مع إسحق رابين. لا أستطيع الآن أن أحكم على إيهود أولمرت. في الوقت نفسه شارون صاحب قرار. بمعنى أنه إذا قال فعل، ولكن هيهات ان يقول.
كم مرة التقيت شارون؟
التقيته كثيراً.
وزرته في مزرعته؟
نعم. اللقاء الأول معه كان في مزرعته. كان سرياً. حدث نوع من التسريب من جهتهم. أعتقد بأن ذلك كان في 1998 وكنت مسؤولاً عن المفاوضات.
كيف كان اللقاء وبماذا شعرت؟
كان اللقاء واضحاً جداً ومحدداً جداً وبلا نتائج. يأتي شارون الى اللقاء وقد كتب نقاطاً ويقرأها ويقول: «هذه قناعاتي، أنا أعرف انك لا توافق عليها ولكن هذا رأيي». في المقابل أقول له قناعات الجانب الفلسطيني. التفاوض مع شارون عملية صعبة جداً جداً.
هل كانت لديه كراهية خاصة للرئيس ياسر عرفات؟
نعم.
هل هو صراع الرموز؟
هذه احدى النقاط. الأسباب كثيرة. نعم كان يكرهه ويرفض ان يصافحه.
لم يصافحه على الإطلاق؟
أبداً.
غاب الرجلان بلا مصافحة؟
نعم. التقينا في مفاوضات واي ريفر لمدة تسعة أيام كانا خلالها وجهاً لوجه. وكان شارون يدخل الاجتماع ولا يصافح أبو عمار. كان شارون وزيراً للخارجية في 1997.
هل تجزم بأنه لم تحدث أي مصافحة بين الرجلين؟
نعم لم تحدث أي مصافحة. في آخر لقاء في إيريز مع الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون رفض خلال الدخول ان يصافح أبو عمار الذي رفض أن يصافحه خلال الخروج.
هل كان عرفات يكره شارون بالدرجة نفسها؟
كانت المشاعر متبادلة.
هل كان سهلاً عليك أن تصافح شارون؟
أنا أسلّم على من يسلّم عليّ. من يرفض أن يصافحني أرفض أن أصافحه، لكنني لا أتخذ موقفاً مسبقاً. أنا أريد نتائج. لقد صافحنا إسحق رابين كاسر عظام الفلسطينيين. صافحنا إيهود باراك الذي قتل كمال عدوان وأبو يوسف النجار وكمال ناصر (في بيروت في 1973). إذا كنت تبحث عن حقوقك عبر المفاوضات، فهناك مسائل لا بد منها.
ألم يكن ياسر عرفات يشعر بصعوبة مصافحة قاتل القادة الفلسطينيين الثلاثة؟
طبعاً كان يشعر بذلك، وكلنا كنا نشعر بالأمر نفسه. لكن ياسر عرفات كان يعرف اننا في مرحلة أخرى وأن لدينا حقوقاً يجب أن نحصل عليها وأن السلام يبرم مع الأعداء.
عرفات البراغماتي الأول
هل لديك شعور بأن ياسر عرفات كان يفضل في داخله الذهاب الى التاريخ من دون تقديم تنازلات يفرضها الحل النهائي؟
هذه ليست شخصية ياسر عرفات. انه رجل براغماتي. أستطيع القول انه الرجل البراغماتي الأول في الشرق الاوسط، وهو بالتأكيد رجل شجاع. إذا اقتنع بأمر مشى فيه. اقتنع بخيار أوسلو وسار فيه. الطرف الآخر هو الذي حشر ياسر عرفات في الزاوية في السنوات الأربع الأخيرة. ياسر عرفات ليس من أصحاب الرفض المتواصل والمطلق. يستمع ويناقش ويأخذ ويعطي. وضعوه في الزاوية فبدا وكأنه رفضاوي ولم يكن يوماً كذلك، وبدا انه متصلب ولم يكن يوماً متصلباً إلا في الأمور الأساسية. في مسألة القدس مثلاً لا يتنازل ولو قطعت رقبته. هناك مسائل لا يقبل بها ولا نقبل بها نحن. الحدود ومسألة اللاجئين. أنا مثل ياسر عرفات من المدرسة نفسها.
سأعطيك مثالاً. في قضايا المرحلة الانتقالية كنا نتجادل ثم أقبل بما يعرضه الاسرائيليون. السبب انني لم أكن أوقع على الحل النهائي. يقولون سننسحب من 10 في المئة من الضفة. نطلب نحن الانسحاب من 20 في المئة. يقبلون بـ12 في المئة فنوافق. يمكن أن تكون مرناً حين لا يكون هناك توقيع. في المسار النهائي طالبوا الجانب الفلسطيني بالتنازل عن واحد في المئة من الحدود فرفضت وقلت لهم لا نتنازل عن سنتيمتر واحد. موضوع اللاجئين يحتاج الى الحل والجانب الاسرائيلي مسؤول. أنا لا أقول بإعادة خمسة ملايين، لكنني أطالب بالبحث في المبدأ. بدأنا نناقش مع كلينتون من يحق له العودة. لكنني لا أقبل تغييب المبدأ أو التخلي عنه مقابل وقف الاستيطان.
هل تفتقد ياسر عرفات أحياناً؟
أفتقده دائماً. كان ياسر عرفات بتاريخيته يشكل لنا مظلة. وكان قادراً ان يلم الشعب الفلسطيني. في السنوات الأربع الأخيرة دفعوه الى الزاوية، الى غرفة بطول مترين وعرض مترين. فماذا تتوقع من رجل يعيش في هذه الظروف.
كيف كانت علاقته بـ «حماس»؟
كانت مليحة. وكان خالد مشعل على اتصال دائم معه ويكاد يكون يومياً.
هل يمكن القول ان مشعل براغماتي؟
خالد مشعل رجل عاقل.
عرفات ... والسم
استوقفتني كلمة استشهاد الأخ أبو عمار.
نعم وسأجيبك. طلب الأخوان مني ان أترشح للرئاسة، فأجبت: أنا لي أفكاري الخاصة وقناعاتي الخاصة التي قد لا تصادف هوى جماهيرياً. تمسكوا بموقفهم. نزلت الى الجمهور وقلت رأيي بصراحة، والحقيقة انني ما كنت لأزعل لو لم ينتخبوني. قلت لهم أنا مع السلام ومع أوسلو وضد الانتفاضة المسلحة،وأنا مع الاعتذار من الكويت. كثيرون لم يكونوا في وارد قبول النقطة الأخيرة. أنا شخصياً كنت من الأساس ضد انزلاق الفلسطينيين الى سياسة المحاور أو التمحور. بعض الاخوان كانوا يقولون لي دعك من هذه التصريحات، أحدهم شخص تعرفه انت جيداً، طلب مني أن أؤجل هذه التصريحات فقلت لا أستطيع، حين اعتذرت من الكويتيين قال لي أحد اخواننا: والله لو كان عبدالناصر مرشحاً واعتذر لسقط في الانتخابات. أجبته انني لست باحثاً عن النجاح بل عن الحقيقة وأريد لأي نجاح أن يكون مستنداً اليها.
علاقتك بالجماهير مستجدة؟
نعم. بمعنى الاحتكاك المباشر صحيح.
هل تخشى من هذه الحماسة التي تأخذ الجماهير الى مواقف غير واقعية؟
نعم. أحياناً تأخذ الحماسة الجماهير الى مواقف غير واقعية على الاطلاق. هنا لعبة التضليل. حين ينطلق الخطباء في العنتريات وإثارة مشاعر الناس. أنا حين كان عليّ أن أواجه الجماهير، قلت ما اعتبره صحيحاً. قلت قناعتي من دون زيادة أو نقصان. الشعب يريد الحقيقة ولا يريد أن يُضلَّل. لا يريد أن يسير في تظاهرة لا يعرف الى أين تؤدي. الشعب يصبح أقوى حين يعرف الحقائق.
قلتَ أن الرئيس ياسر عرفات استشهد، لماذا استخدمت كلمة استشهد؟
لدينا شبهات بأن ياسر عرفات قد يكون قتل بالسم. ليست لدينا اية براهين. لذلك قلت ان الملف سيبقى مفتوحاً الى ان نعرف الحقيقة. هل صحيح انه مات بفعل تكسر الصفائح؟ وهل جاء التكسر طبيعياً ويتعلق بالشيخوخة أم ان شيئاً آخر حصل. يجب ان نعرف الحقيقة.
كيف يبقى الملف مفتوحاً، هل تتابعونه؟
طبعاً. الملف مفتوح ونحن نتصل بكل الناس بحــثاً عن الحقيقة. ربما تأتينا من شخص لا نعرفه، ربما يقول: هذا ما حصل.
الرئيس بشار الأسد اتهم اسرائيل بقتل عرفات؟
أنا احتاج الى براهين كي أوجه إصبع الاتهام الى هذه الجهة أو تلك. أنا أقول هناك شبهة. قال لنا الفرنسيون: «لم يثبت ان هناك سماً في دمه من السموم التي نعرفها». إذاً هناك سموم لا يعرفونها. وهم صادقون. الطبيب الصادق يقول: هذه حدود عملي.
من يمكن أن يكون قتل عرفات؟ اسرائيل؟
هناك أصحاب مصالح.
هل هناك غير إسرائيل؟
ليست لدي أي جهات محددة. علامات الاستفهام طرحت بالنسبة الى اسرائيل، لكنني لا أستطيع اتهامها قبل أن أتأكد أو أن تكون لديّ أدلة.
كيف تنظرون الى الوضع في العراق في ضوء التطورات الأخيرة؟
بلا شك، الوضع العراقي ظهر أخيراً وكأنه يشهد حرباً طائفية، وأنا متأكد من ان كثيرين دخلوا على الخط لإشعال نار الفتنة بين السنّة والشيعة. نأمل بأن يتنبه الأخوة العراقيون للأمر، لأن هذه الفتنة تهدد المنطقة كلها.
كيف تصف العلاقات الفلسطينية – السعودية؟
علاقات ممتازة بكل وجوهها. والسعودية تقدم كل ما التزمت تقديمه. وهي في طليعة من ساعدوا الشعب الفلسطيني وفي طليعة من التزموا تقديم مساعدات.
هل يقلقكم الاشتباك السوري – اللبناني الحالي؟
يقلقنا أي اشتباك بين دولتين عربيتين، لأنه يضر بمصالحنا ومصالح شعوب المنطقة. نتمنى ان تحل هذه المشكلات بحكمة العاقلين.