يعتبر الشرق الأوسط اليوم من المناطق التي تعاني شُحّاً في مصادر المياه في العالم، لاسباب عديدة، ولذلك من الضروري تقاسم المياه العابرة للحدود بشكل عادل ومنصف . وفي فلسطين المحتلة، يتفاقم شح المياه بالظروف السياسية لا سيما سيطرة الاحتلال على موارد المياه الفلسطينية بشكل كامل. منذ إحتلالها الأرض الفلسطينية عام 1967، قامت إسرائيل بالسيطرة على هذه المصادر وحرمتنا من الحصول على حصتنا فيها منتهكة بذلك القانون الدولي والقانون الانساني. وبدلاً من تقاسم حصتنا من المياه العابرة للحدود، تستغل إسرائيل مواردنا المائية لتزويد مستوطناتها غير الشرعية بها في فلسطين المحتلة ومواطنيها في اسرائيل، الأمر الذي يجبر المواطنين الفلسطينيين على شراء المياه من الشركة الإسرائيلية بأسعار باهظة.
استهلاك المياه
تعتبر جميع الموارد المائية في فلسطين مشتركة وعابرة للحدود بشكل رئيسي مع إسرائيل وغيرها من الدول المشاطئة، ولا تمتلك فلسطين اليوم أي موارد مائية ذاتية، وهي تتكون من:
- المياه السطحية بما فيها مياه نهر الأردن ووادي غزة؛
- المياه الجوفية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة.
وعلى الرغم أن معظم المناطق التي يتم فيها تغذية طبقات المياه الجوفية تقع داخل فلسطين المحتلة، فإن سلطة الاحتلال تستغل ما يقارب 90 بالمائة من مصادر المياه العذبة المشتركة المتاحة (بما في ذلك مصادر المياه الجوفية والسطحية) تاركة ما نسبته 10 بالمائة للاستخدام الفلسطيني.
يحصل المواطن الفلسطيني على معدل أقل من 73 لتراً من المياه للاستخدام المنزلي في اليوم الواحد مقابل 300 لتر للفرد الإسرائيلي. وبشكل عام يحصل المواطن الفلسطيني على أقل بكثير من 100 لتر من المياه في اليوم وهو الحد الأدنى من كمية المياه التي يتوجب توافرها للفرد بحسب توصية منظمة الصحة العالمية.
السيطرة الإسرائيلية على المياه
منذ عام 1967، هيمنت سلطات الاحتلال على جميع مصادرنا المائية من خلال عدة أوامر عسكرية، وحرمتنا من حقنا في الوصول إلى مصادرنا الطبيعية الرئيسة والسيطرة عليها، وركزت ممارساتها العنصرية في هذا المجال على ما يلي:
- تقييد حفرنا لآبار مياه جديدة (وبخاصة في الحوض الغربي).
- تقييد ضخنا للمياه من الآبار القائمة ومنعنا من زيادة عمقها.
- حرماننا من حقوقنا المائية في نهر الأردن .
- تقييد وصولنا إلى المناطق التي تتوفر فيها ينابيع المياه العذبة.
- الحد من قدرتنا على استخدام المياه السطحية (أي جمع مياه الفيضانات من الأودية الرئيسة).
- الحد من قدرتنا على تطوير البنية التحتية للمياه العذبة والمياه العادمة .
في المقابل، توافق ما يسمى بالادارة المدنية من دون تأخير على حفر آبار مياه للمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، ويقع البعض من هذه الآبار فوق مناطق فلسطينية ذات إنتاجية عالية من المياه، ويستخدمها المستوطنون بصورة منتظمة ولأغرض تفوق الاحتياجات المنزلية، بينما تجف الآبار الفلسطينية التي تقع بالقرب منها. ويكمن الهدف وراء هذا الإجراء الإسرائيلي بإجبار أبناء شعبنا على شراء المياه من شركة الاحتلال الإسرائيلية بأسعار باهظة.
لقد استمرت اسرائيل باستغلالها المتعمد لمصادر المياه المشتركة والعابرة للحدود دون انقطاع حتى أثناء مباحثات أوسلو. مما يعني أن ابناء شعبنا يحصلون على كميات أقل من تلك التي كانوا يحصلون عليها قبل التوقيع على اتفاق اوسلو. وبموجب اتفاقية المرحلة الانتقالية بين الفلسطينيين والإسرائيليين عام 1995، كان من المفترض أن يتم العمل على تطوير مصادر تؤمن كميات إضافية من المياه يبلغ حجمها 70-80 مليون متر مكعب من الحوض الشرقي ومن مصادر أخرى متفق عليها في الضفة الغربية، وذلك كإجراء مؤقت في المرحلة الانتقالية فقط. إن هذه الكميات بحدّ ذاتها أقل بكثير من حصتنا العادلة من مصادر المياه المشتركة. أما فعلياً فقد قامت إسرائيل حتى الآن بتزويدنا بأقل من الكميات المتوفرة قبل الاتفاقية في حين تضاعف عدد السكان الفلسطينيين منذ توقيع اتفاق أوسلو مما يعني أن المياه المتوفرة للفرد الواحد انخفضت بشكل ملحوظ.
في مرحلة ما قبل أوسلو، كانت إسرائيل الطرف الوحيد المسؤول عن المياه ومصادرها في الأرض الفلسطينية المحتلة، إلا أنها لم تستثمر في البنية التحتية المائية بغرض خدمة تجمعاتنا. وبعد التوقيع على إتفاقية المرحلة الإنتقالية، أعاق الجانب الإسرائيلي تنفيذ المشاريع الفلسطينية في الضفة الغربية من خلال الفيتو المتكر ضمن لجنة المياه المشتركة المنبثقة عن بند 40.
تستهلك مستوطنات الاحتلال في الضفة الغربية كميات كبيرة من المياه الفلسطينية، كما تسبب أضراراً بيئية فادحة، حيث يصب المستوطنون المياه العادمة المنزلية والزراعية والصناعية والمخلفات الصلبة الأخرى في الأودية دون معالجة. ومنذ عشرين عاما، وإسرائيل تقوم بنقل الصناعات الملوثة مثل صناعة الألمنيوم، والبلاستيك، ومكبّ النفايات إلى الضفة الغربية. وقد أحكمت إسرائيل سياساتها حتى باتت هذه الممارسات تهدد جودة المياه الجوفية ومصادر المياه السطحية التي يتقاسمها الطرفان.