تجميد الاستيطان؟ الغموض في التفاهمات الأمريكية ...
تجميد الاستيطان؟ الغموض في التفاهمات الأمريكية – الإسرائيلية
تجميد الاستيطان؟ الغموض في التفاهمات الأمريكية – الإسرائيلية
اوراق حقائق
آب 01، 2004
"المستوطنات مثل المياه ـ تتوسّع عندما تتجمّد". – المفاوض الفلسطيني صائب عريقات
ورقة حقائق:
رغم الدعوات الدولية لأن "تُجمّد إسرائيل كافة النشاطات الاستيطانية، بما في ذلك النمو الطبيعي"، أوردت التقارير أن المسئولين الأمريكيين والإسرائيليين اتفقوا على عدد من النصوص الغامضة التي ستسمح لإسرائيل بتوسيع المستوطنات غير القانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بينما تبدو كأنها تعمل على تقييد هذا التوسّع1. تضمّنت هذه النصوص الغامضة تاريخياً ما يلي:
1. "لا مستوطنات جديدة"
الخطط الكبرى للمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية أكبر بكثير جغرافياً من المناطق المبنية على أرض الواقع. على سبيل المثال، في حين أن المناطق المبنية من المستوطنات غير القانونية تُشكّل تقريباً 2.6% من الضفة الغربية المحتلة (بما في ذلك القدس الشرقية)، تُقدّر مساحة مناطق صلاحيتها البلدية والإقليمية بـ 42% من الضفة الغربية المحتلة2. نتيجة لذلك، تقوم إسرائيل ببناء وحدات سكن جديدة في مناطق الخطط الكبرى بينما تدّعي أن هذه الوحدات، التي تُبنى في بعض الأحيان على بُعد كيلومترات من الوحدات الموجودة، لا تُشكّل "مستوطنات جديدة" بل "أحياء جديدة" للمستوطنات الموجودة.
مثال 1: هناك ثلاثة "أحياء جديدة" في مستوطنة تلمون غير القانونية بالقرب من رام الله هي: تلمون ب، تلمون ج، وتلمون د.
مثال 2: يوجد للكتلة الاستيطانية أدوميم بالقرب من القدس الفلسطينية المحتلة خطة كبرى جغرافية بمساحة نحو 17.000 آكر، وهي تُساوي 15 مرة مساحة مناطقها المبنية.
2. "لا مزيد من نزع ملكية الأراضي"
يُضفي هذا التعبير غموضاً على الاختلاف بين نزع ملكية الأراضي (land expropriation) والمصادرة الفعلية للأراضي (land confiscation). فمن خلال أوامرها العسكرية نزعت إسرائيل "قانونياً" ملكية كل أو معظم الأراضي التي تسعى للسيطرة عليها لمستوطناتها والطرق الالتفافية التابعة لها. لكنها لم تُطبّق بعد هذه الأوامر من خلال المصادرة الفعلية. نتيجة لذلك، بينما يعني هذا الغموض أنه لن يتم الاستيلاء على أية أراضٍ فلسطينية إضافية، ولن يتم تدمير أية منازل أو حقول زراعية، إلا أن مصادرة الأراضي التي نُزعت ملكيتها "قانونياً" ستتواصل.
بإمكان إسرائيل الاستمرار في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية أو منع الفلسطينيين من استخدام أراضيهم الخاصّة بالإعلان أنها "أراضٍ متروكة" أو "أراضي دولة". وفقاً لقوانين الاحتلال الإسرائيلي، فإن الفلسطينيين الذين غادروا الضفة الغربية قبل أو خلال أو بعد حرب عام 1967 اعتبروا غائبين، وبذلك يمكن الإعلان بأن أراضيهم "متروكة"3. وبحسب القوانين غير الشرعية للاحتلال الإسرائيلي، أعلنت معظم الأراضي الفلسطينية التي لم تكن مسجّلة بملكية خاصّة منذ عام 1967 أنها أراضي دولة4.
3. "لا مزيد من نزع ملكية الأراضي للبناء"
وفقاً لهذا التعبير الغامض، بإمكان إسرائيل الاستمرار في نزع ملكية الأراضي لإقامة البنى التحتية الاستيطانية طالما لا توجد "أعمال بناء". من الممكن نزع ملكية الأراضي الفلسطينية:
لبناء الطرق الالتفافية للمستعمرات،
وبناء الجدران و/أو الحواجــز،
لأسباب "أمنية" غير مُعرّفة،
أو "لأهداف زراعية".
4. "لا أعمال بناء تتجاوز خط البناء" أو "البناء الأفقي، وليس العمودي"
هذا التعبير غامض لأنه لا يُعرّف "خط البناء": هل يتضمّن خط البناء الأراضي بين "الأحياء" البعيدة لذات المستوطنة؟ وهل يتضمّن خط البناء الأراضي بين الطرق المبنية والوحدات السكنية المبنية؟
يسمح هذا النص الغامض لعدد غير محدد من المستوطنين الجدد بالتدفق إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة شريطة أن يُقيموا داخل "خط البناء" الغامض والعشوائي. سوف يعمل العدد الإضافي من المستوطنين على عرقلة مفاوضات الوضع الدائم بخلق المزيد من "الحقائق على الأرض" ممّا يستدعي بناء المزيد من البُنى التحتية مثل الطرق، وتمديدات الكهرباء والوصول إلى موارد المياه وسيكون كُل ذلك على حساب السكان الفلسطينيين الأصليين.
5. "لا حوافز اقتصادية حكومية خاصّة للمستوطنات"
يسمح هذا التعبير الغامض للمستوطنين الإسرائيليين غير القانونيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالاستمرار في تلقّي الحوافز الاقتصادية (مثل الإعفاءات الضريبية وإعانات الرهن العقاري) لأن المستوطنات هي "مناطق أولوية وطنية". توجد بعض "مناطق الأولوية الوطنية" داخل إسرائيل كذلك، ونتيجة لذلك يمكن للحكومة الإسرائيلية المجادلة بأنه لا توجد حوافز حكومية خاصّة للمستوطنات ذاتها.
يسمح هذا التعبير الغامض أيضاً بتقديم التمويل الخاص والحوافز التي أدّت إلى معظم البناء الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
6. "النمو الطبيعي"
يسمح هذا التعبير الغامض لإسرائيل بتوسيع المستوطنات بحجّة "النمو الطبيعي". لكن نسبة النمو في المستوطنات ليست "طبيعية". تُقدّر حالياً نسبة النمو السكّاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة بضعف ما هي عليه في إسرائيل، إلى حدٍ كبير بسبب الحوافز المالية وغيرها من الحوافز.
نتج عن اتفاق عام 1992 بين رئيس الوزراء السابق رابين والحكومة الأمريكية، الذي وافقت إسرائيل بموجبه على اقتصار توسيع المستوطنات على "النمو الطبيعي"، نِسَب غير مسبوقة من البناء والتوسّع في المستوطنات. كانت نسبة التوسّع في عهد رابين أعلى من أي نسبة خلال 26 سنة سابقة من الاحتلال5. بناءاً على ذات التفاهم، استخدم رئيس الوزراء نتنياهو "النمو الطبيعي" لزيادة أعداد الوحدات السكنية بنسبة 100% في عام 1998 إلى 4210 وحدة سكنية، وهو أعلى عدد من الوحدات منذ كان أرئيل شارون وزيراً للإسكان في عام 1991-1992.
3. حتى الفلسطينيين الذين لم يرحلوا أبداً وأعلنت أراضيهم خطئاً أنها "متروكة" لا يستطيعون المطالبة باستعادة هذه الأراضي، إلاّ إذا استطاعوا إثبات أن "نقل" ملكية الأرض إلى إسرائيل تم "بسوء نية". وفقاً لما تقوله بتسيلم:
لتوضيح استخدام هذا البند، هناك القضية التي وقّع فيها الوصي على اتفاق إذن مع المنظمة الصهيونية العالمية فيما يتعلّق بـ 70 دونم مخصّصّة لبناء مستوطنة بيت هورون. مالك الأرض، الذي كان مقيماً في الضفة الغربية في ذلك الوقت، قدّم اعتراضاً إلى لجنة الاستئناف بأنه كان مالك الأرض التي بُنيت عليها المستوطنة. أوضحت لجنة الاستئناف في حكمها أنه بينما لا يوجد شك بأن الأرض تعود فعلاً لصاحب الاستئناف الفلسطيني، وأنه لم يترك منزله، فإن عملية النقل كانت قانونية بما أنها تمّت "بحسن نية". بتسيلم، اغتصاب الأرض 59 (2002).
4. إسرائيل جمّدت تسجيل الأراضي الفلسطينية في عام 1967، ذات المصدر السابق في صفحة 54.
5. رابين يُكمل بناء حوالي 11.050 وحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة في فترة ثلاث سنوات (بمعدّل 3.800 وحدة في السنة، أكثر من ثلاثة أضعاف المعدّل التاريخي وهو 1.200 في السنة)، راجع جيفري أرونسون، المستوطنات والمفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية 50-51 (1996).